فصل : قال  
الشافعي   في كتاب " الأم " : " فإذا  
قدم من سفره ، ولم يكن أكل ولا شرب ولا نوى الصوم وكان على نية الفطر ، فلم يفطر حتى قدم  فله أن يأكل ، ولا يلزمه الإمساك ، ولو أمسك كان أولى " وإنما لم يلزمه الإمساك ؛ لأنه قد أفطر بترك النية ، وإن لم يأكل فصار بمثابة      
[ ص: 448 ] من أفطر بالأكل فأما إذا نوى الصوم في سفره ، ثم قدم ناويا فهل يلزمه إتمام صومه أم لا ؟ على وجهين :  
أحدهما : وهو قول  
أبي إسحاق المروزي   يلزمه إتمام صومه ، ولا يجوز له الفطر ؛ لأن زوال السفر قد رفع حكم الإباحة كالمسافر إذا نوى القصر ، ثم أقام لزمه الإتمام .  
والوجه الثاني : وهو قول  
أبي علي بن أبي هريرة   وقد نص عليه  
الشافعي   ، في  
حرملة   ، أنه على خياره إن شاء صام ، وإن شاء أفطر ؛ لأن حكم اليوم معتبر بأوله لا تراه  
لو نوى الصوم مقيما ، ثم سافر  لم يجز له أن يفطر اعتبارا بحكم أوله ، فكذلك  
إذا نوى الصوم مسافرا ، ثم أقام  فله أن يفطر اعتبارا بحكم أول اليوم ، فلو  
نوى الصوم في السفر ثم أراد أن يفطر في سفره  فله ذلك ، ولو  
نوى إتمام الصلاة ثم أراد القصر  لم يجز له والفرق بينهما أن الفطر يضمن بالقضاء وعذر الإفطار قائم بدوام السفر ، وليس كذلك القصر ؛ لأنه لا يضمن بالقضاء ، وقد ضمن الإتمام على نفسه فلهذا المعنى فصل بينهما .