الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
[ ص: 479 ] باب فضل الصدقة في رمضان وطلب القراءة

قال الشافعي رضي الله عنه : " أخبرنا إبراهيم بن سعد عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عن ابن عباس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كان أجود الناس بالخير ، وكان أجود ما يكون في شهر رمضان ، وكان جبريل عليه السلام يلقاه في كل ليلة في رمضان فيعرض عليه القرآن ، فإذا لقيه كان أجود بالخير من الريح المرسلة ( قال الشافعي ) وأحب للرجل الزيادة بالجود في شهر رمضان اقتداء به ولحاجة الناس فيه إلى مصالحهم ولتشاغل كثير منهم بالصوم والصلاة عن مكاسبهم " .

قال الماوردي : وهذا كما قال : يختار للناس أن يكثروا من الجود والإفضال في شهر رمضان اقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم ، وبالسلف الصالح من بعده ، ولأنه شهر شريف قد اشتغل الناس فيه بصومهم عن طلب مكاسبهم ، ويستحب للرجل أن يوسع فيه على عياله ويحسن إلى ذوي أرحامه وجيرانه ، لا سيما في العشر الأواخر منه ، ويستحب لمن أمكنه إفطار صائم أن يفطره ، فقد روي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " من أفطر صائما كان له مثل أجره ، من غير أن ينتقص من أجره شيئا " .

وروت أم عمارة الأنصارية رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " ليس من صائم أكل [ ص: 480 ] عنده مفطرون إلا صلت عليه الملائكة ما دام القوم يأكلون " ويختار له أن يقول إذا أفطر ما رواه عبد الله بن عمر قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أفطر قال : " ذهب الظمأ وابتلت العروق ، وثبت الأجر إن شاء الله " ويسأل الله التوفيق لما قرب إليه بمنه وكرمه .

التالي السابق


الخدمات العلمية