الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
مسألة : قال الشافعي : " ويمسح إحدى الراحتين بأخرى ، ويخلل بين أصابعهما " .

قال الماوردي : أما مسح إحدى الراحتين بالأخرى ففيه وجهان :

أحدهما : إنه مستحب : لأن الغبار قد وصل إلى جميعها ، فلم يلزم مسحها كالماء .

والوجه الثاني : إن ذلك واجب بخلاف الماء : لأن الماء جار بطبعه فيصل إذا جرى [ ص: 248 ] إلى جميع العضو ، وليس كذلك التراب : لأنه جامد لا يكاد يصل إلى تكاسير العضو إلا بإمراره ومباشرته ، فأما تخليل الأصابع فإن لم يكن قد وصل غبار التراب إلى ما بين الأصابع كان تخليلها واجبا ، وإن كان قد وصل إليها ففي وجوب تخليلها وجهان على ما ذكرنا .

فإن قيل : فلم ضيق الشافعي صفة التيمم بهاتين الضربتين على الوجه الذي ذكره ؟ ففيه جوابان :

أحدهما : إنه اتبع فيه الرواية عن النبي صلى الله عليه وسلم .

والثاني : أنه خرج على سؤال سائل زعم أن مسح الذراعين بضربة واحدة مستحيل فبين وجه صحته ، وبطلان استحالته ، فلو لم يكتف بضربتين استعمل ضربة ثالثة ورابعة حتى يعم جميع وجهه وذراعيه .

التالي السابق


الخدمات العلمية