الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
فصل : فأما مكة ، فقد ذكرها الله تعالى في كتابه باسمين : مكة وبكة فقال في سورة آل عمران : إن أول بيت وضع للناس للذي ببكة مباركا [ آل عمران : 96 ] ، وقال تعالى في سورة الفتح : وهو الذي كف أيديهم عنكم وأيديكم عنهم ببطن مكة من بعد أن أظفركم عليهم [ الفتح : 24 ] ، فاختلف الناس في ذلك فقال قوم : هما لغتان ، والمسمى واحد : لأن العرب تبدل الميم بالباء ، فيقولون : ضرب لازب ولازم ، لقرب المخرجين . وقال آخرون بل هما اسمان ، والمسمى بهما شيئان ، ومن قال بهذا اختلفوا ، في المسمى بهما على قولين :

أحدهما : أن مكة اسم البلد ، وبكة اسم البيت وهذا قول إبراهيم ويحيى .

والثاني : أن مكة الحرم كله ، وبكة المسجد كله وهذا قول زيد بن أسلم ، فأما مكة مأخوذة من قولهم تمككت المخ تمككا إذا استخرجته ، وأنشد بعض الرجاز في تلبيته :


يا مكة الفاجر مكي مكا ولا تمكي مذحجا وعكا

مكة الفاجر يعني بمكة العاجز عنها ، ويخرجه منها ، وأما بكة فقد قال الأصمعي : سميت بذلك : لأن الناس يبك بعضهم بعضا ، أي يدفع ، وأنشد :


إذا الشريب أخذته أكه     فحله حتى يبك بكه

التالي السابق


الخدمات العلمية