الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
فصل : فإذا ثبت أن صلاته لا تبطل برؤية الماء فهو بالخيار بين أمرين : بين أن يقطع صلاته ويستعمل الماء ويستأنف الصلاة ، وهو على قول طائفة من أصحابنا أفضل ليكون خارجا من الخلاف ، وبين أن يمضي في صلاته حتى يكملها ، وهو على قول بعض أصحابنا أفضل لئلا تبطل عبادة هو فيها فإذا أتمها لم يكن له أن ينتقل بعدها : لأن تيممه برؤية الماء كان قد أبطل لغير تلك الصلاة التي هو فيها ، فعلى هذا لو سلم من تلك الصلاة التي رأى الماء فيها فقدم الماء ولم يقدر عليه بعد الخروج منها لزمه استئناف التيمم لما ينتقل إليه بعد إحداث الطلب ، فلو كان قد رأى الماء وهو في صلاة نافلة كان له أن يتمم ما نوى من عددها فإن كان قد نوى أربعا بسلام كان له أن يكملها أربعا ، وإن كان قد نوى ركعتين لم يزد عليهما ، وإن لم يكن له مع الإحرام نية من العدد اقتصر على ركعتين : لأن الشرع قرر له اختلاف النوافل أن تكون مثنى مثنى ، فلو أن متيمما دخل في الصلاة ينوي القصر ثم رأى الماء ، ثم نوى بعد رؤية الماء إتمام الصلاة أو المقام بمكانه أربعا . قال ابن القاص : قد بطلت صلاته : لأن تيممه صح لركعتين من غير زيادة ، وقد لزمه الإتمام أربعا : فكانت رؤية الماء مبطلة لصلاته ، وقال سائر أصحابنا يتمم صلاته ، ولا تبطل : لأن تيممه صح لأدائها تامة ومقصورة والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية