الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
[ ص: 143 ] فصل : فأما القراءة في الطواف فمستحبة ، وحكي عن مالك أنه كرهها ، وبه قال الحسن البصري ، وعروة بن الزبير . وروي عن ابن عمر أنه سمع رجلا يقرأ في الطواف فصك في صدره .

والدلالة على استحبابه وعدم كراهته ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " الطواف صلاة " . ثم كانت القراءة واجبة في الصلاة ، فوجب أن تكون مستحبة في الطواف ، فإذا ثبت أنها مستحبة ، فقد قال الشافعي : وأحب القراءة في الطواف ، وهو أفضل ما تكلم به المرء .

فإن قيل : أيهما أفضل في الطواف .

قيل : أما الدعاء المسنون فيه فهو أفضل من القراءة فيه اقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم ولرواية أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ما من شيء أكرم على الله عز وجل من الدعاء " . وروى القاسم بن محمد عن عائشة رضي الله عنها قالت : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " إنما جعل الطواف بالبيت والسعي بين الصفا والمروة ورمي الجمار لإقامة دين الله تعالى " وذكر الله تعالى إنما هو ما تضمن الدعاء من تعظيمه والثناء عليه . ولأن ذكر الدعاء المسنون في الصلاة في الركوع والسجود ، أفضل من القراءة في الركوع والسجود ، كذلك الطواف ، فأما الدعاء بغير ما سن فيه فالقراءة أفضل منه ، لأنها أفضل ما تكلم به المرء .

التالي السابق


الخدمات العلمية