الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
فصل : فأما أعداد الطواف فسبع لا يجوز الاقتصار على أقل منها ، وقد روى معقل بن عبد الله عن أبي الزبير عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : السعي والطواف تو وفي تأويله وجهان :

أحدهما : أن السعي والطواف سبعة أشواط وتر غير شفع والتو الوتر .

والثاني : معناه أن الطواف والسعي والرمي في الحج واحد لا يثنى في القران وهو فيه كالإفراد ، وإن رجع إلى أهله قبل إتمام طوافه كان على إحرامه ولزمه العود لإتمام طوافه ، وقال أبو حنيفة : إن طاف أقل من أربعة أطواف لم يجزه ، وإن طاف أربعة أطواف ، فإن كان مقيما بمكة لم يجز ، وإن رجع إلى أهله أجزأه وعليه دم : تعلقا بظاهر قوله تعالى : وليطوفوا بالبيت العتيق ، [ الحج : 29 ] ، وبأن معظم الشيء يقوم مقام جميع الشيء ، كما لو أدرك الإمام راكعا كان كما لو أدركه قائما .

ودليلنا رواية جابر وابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم رمل ثلاثا ومشى أربعا وهذا الفعل منه إما أن يكون بيانا لقوله تعالى : وليطوفوا بالبيت العتيق ، واستئناف نسك يؤخذ من فعله ، وأيهما كان فهو واجب ، ولأنه طواف لم يكمل عدده فوجب أن لا يقع به التحلل ، كالمقيم بمكة لم يجزه بدم ، فوجب إذا تركه غير المقيم بمكة أن لا يجزئه بدم قياسا عليه إذا طاف ثلاثا وترك أربعا .

فأما الآية فلا دلالة لهم فيها : لأننا وإياهم نعدل عن ظاهرها .

وأما قولهم إن معظم الشيء يقوم مقام الشيء فغير صحيح : لأنه ينقص بسائر العبادات من أعداد الركعات وغيرها ، على أنه إذا أدرك الإمام راكعا فقد يحمل عنه ما فاته ؛ فلذلك ما اعتد به وليس كذلك الطواف .

التالي السابق


الخدمات العلمية