الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
فصل : وكذا الحكم إذا ترك شيئا من السعي لم يستوفه في سعيه ، فلو ترك ذراعا من السعي لم يسر فيه في سعيه ، فلو ترك ذراعا من السعي السابع فهذا على ثلاثة أقاويل :

أحدهما : أن يكون من آخره من ناحية المروة .

والثاني : أن يكون من أوله من ناحية الصفا .

والثالث : أن يكون من وسطه ، فإن كان من آخره عاد فأتى به وأجزأه ، فإن رجع إلى بلده قبل الإتيان به كان على إحرامه . وإن كان من أوله عاد فأتى بالسعي كله : لأنه لا يحتسب بآخره إلا بعد حصول أوله ، ويكون كمن ترك آية من الفاتحة ، فيلزمه استئنافها ، وإن كان ما تركه من وسط المسعى ، احتسب ما تقدم وأتى بما تركه وأعاد ما بعده ، فلو ترك ذراعا من السعي السادس لم يحتسب بالسابع : لأنه فعله قبل كمال السادس ، وكان الحكم في السادس ، على ما ذكرنا ، فلو سعى ثم تيقن أنه ترك شيئا من طوافه ، لم يكمله عاد فأتم [ ص: 161 ] طوافه وأعاد سعيه [ لأن السعي لا يصح إلا بعد إكمال الطواف فلو فرق سعيه فسعى ] سبعا في سبعة أوقات ، فإن كان تفرقا قريبا أجزأه ، وإن كان بعيدا فإن قيل بجوازه في الطواف ففي السعي أجوز ، وإن قيل في الطواف لا يجوز ، ففي جوازه في السعي وجهان :

أحدهما : وهو قول البصريين من أصحابنا لا يجوز كالطواف .

والثاني : وهو قول البغداديين يجوز : لأن السعي أخف حالا من الطواف ؛ لجوازه بغير طهارة ، فلو سعى راكبا أو محمولا أجزأه ، وإن كان سعيه ماشيا أحب إلينا وركوبه في السعي أيسر من ركوبه في الطواف .

التالي السابق


الخدمات العلمية