الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
فصل : فإذا ثبت توجبه القولين في الحلق ، فالإحلال من العمرة مبني عليهما ، فإن قلنا إن الحلق نسك يتحلل به ، فإذا طاف وسعى كان على إحرامه حتى يحلق أو يقصر .

[ ص: 162 ] وإن قلنا إنه إباحة بعد حظر ، فقد حل من العمرة بإكمال السعي ، وإن لم يحلق ولم يقصر ، وعلى كلا القولين إن كان معه هدي ، فالمستحب والسنة أن ينحره قبل حلقه لقوله تعالى : ولا تحلقوا رءوسكم حتى يبلغ الهدي محله [ البقرة : 196 ] ، وموضع النحر عند إحلاله ، وإحلاله من العمرة يكون عند المروة ، فهناك ينحر وإن نحر من فجاج مكة أو الحرم أجزأه ، ثم يحلق أو يقصر ، وكلاهما جائز ، لقوله تعالى : محلقين رءوسكم ومقصرين [ الفتح : 27 ] ، لكن الحلق للرجال أفضل من التقصير لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال : اللهم اغفر للمحلقين قيل : يا رسول الله والمقصرين قال : اللهم اغفر للمحلقين قيل يا رسول الله والمقصرين ، فقال في الثالثة أو الرابعة والمقصرين ، لأن الحلق أعم من التقصير ، فكان أكثر ثوابا ، فإذا ثبت أن التقصير جائز والحلق أفضل منه ، فإنما ذلك فيمن لم يلبد رأسه ولا عقصه ، وأما إن كان لبد رأسه وعقصه فعلى قولين :

أحدهما : وهو قوله في القديم لا يجزئه إلا الحلق ، لرواية فليح عن نافع عن ابن عمر قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من لبد رأسه فقد وجب عليه الحلق .

والثاني : وهو الصحيح وبه قال في الجديد أن التقصير يجزئه ، وإن كان الحلق أفضل له ؛ لقوله تعالى : محلقين رءوسكم ومقصرين [ الفتح : 27 ] .

التالي السابق


الخدمات العلمية