الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
مسألة : قال الشافعي رضي الله عنه : " ومن حيث أخذ أجزأ إذا وقع عليه اسم حجر مرمر أو برام أو كذان أو فهر ، فإن كان كحلا أو زرنيخا أو ما أشبهه لم يجزه " .

قال الماوردي : وهذا كما قال : رمي الجمار لا يجوز إلا بما انطلق عليه اسم الحجر ، وإن تنوع رخوا كان أو صلبا ، فأما ما لا ينطلق عليه اسم الحجر من الآجر ، والطين ، والجص والنورة والقوارى ، والكحل والزرنيخ ، والفضة ، والذهب ، والنحاس والرصاص ، واللؤلؤ والملح ، فلا يجوز رمي الجمار به .

وقال أبو حنيفة : يجوز بكل ما كان من جنس الأرض ، ولا يجوز بما ينطبع من الفضة والذهب والصفر والنحاس .

وقال داود بن علي : يجوز بكل شيء حتى بالعصفور الميت استدلالا بعموم قوله صلى الله عليه وسلم : " فإذا رميتم وحلقتم فقد حل لكم كل شيء " وبما روي أن سكينة بنت الحسين " رمت ست حصيات فأعوزتها السابعة فرمت بخاتمها " ودليلنا : ما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم وضع حصى الجمار في يده ، وقال : " بأمثال هؤلاء فارموا " فعلم أن ما لم يكن له مثلا لا يجزئ الرمي به ، ومثل الحصى حصى ، وليس غير الحصى مثلا للحصى .

وروى أبو معبد عن ابن عباس عن الفضل بن العباس قال : أفاض النبي صلى الله عليه وسلم فهبط في بطن محسر ، وقال : أيها الناس عليكم بحصى الخذف وهذا أمر بالحصى ؛ ولأنه رمى بغير حجر فوجب أن لا يجزئ ، كالثياب .

فأما قوله " إذا رميتم وحلقتم " فالمقصود به ما يقع به التحلل لا ما يجوز الرمي به .

وأما حدث سكينة فقد قيل : إنها رمت خاتمها إلى سائل كان هناك ، ولو صح أنها رمت به بدلا من الحصى السابعة ، فالمقصود منه فصه ، وكان حجرا وفصة الخاتم تبعا .

التالي السابق


الخدمات العلمية