الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
فصل : فإذا تقرر ما وصفنا من حال الطلب فلا يجوز إلا بعد دخول الوقت : لأنه شرط من شروط التيمم ، فإن طلب قبل دخول الوقت وتيمم بعد دخول الوقت لم يجزه ، وهكذا لو تيمم أو طلب وهو شاك في دخول الوقت لم يجزه ، فلو أنه تيقن بعد شكه أن طلبه وتيممه صادف بعد دخول الوقت لم يجزه : لأنه حين تيمم كان شاكا في جواز تيممه ، فإذا دخل الوقت فطلب وتيمم فهل يلزمه تعجيل الصلاة عقيب تيممه أو يجوز له تأخيرها ما لم يفت الوقت ؟ على وجهين :

أحدهما : وهو قول أبي العباس بن سريج وأبي سعيد الإصطخري يلزمه تعجيل [ ص: 266 ] الصلاة على الفور من غير تأخير إلا بقدر أذانه وإقامته والتنفل بما هو من مسنونات فريضته ، فإن أخرها عن ذلك متى تراخى به الزمان بطل تيممه وإنما استحق تعجيل الصلاة بعد تيممه : لأنها طهارة ضرورة فكانت كطهارة المستحاضة يلزمها تعجيل الصلاة عقيب طهارتها .

والوجه الثاني : وهو الظاهر من مذهب الشافعي وقد نص عليه في بعض كتبه أنه يجوز تأخيرها ولا يلزم تعجيلها بخلاف طهارة المستحاضة : لأن حدث المستحاضة يتوالى عقيب الطهارة فبطلت طهارتها بالتأخير ، وليس بعد التيمم حدث فمنع من التأخير .

فصل : ولا يجوز للمتيمم أن يجمع بين الصلاتين لأن الصلاة الثانية تفتقر إلى تيمم ثان ، والتيمم الثاني يفتقر إلى طلب ثان ، والطلب يقطع الجمع : لأن من شرطه الموالاة والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية