الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
فصل : فأما نزول المحصب بعد النفر من منى فليس بنسك ولا سنة وإنما هو منزل [ ص: 201 ] استراحة . وحكي عن ابن عمر وأبي حنيفة وجماعة من السلف أنهم كانوا يحصبون ويقولون : إن التحصب سنة ، وهو أن يأتي المحصب بعد الزوال ، إذا فرغ من رمي الجمار فيقيم هناك حتى يصلي الظهر والعصر والمغرب وعشاء الآخر ، ثم ينصرف من المحصب إلى مكة أو حيث شاء ، استدلالا برواية قتادة أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى الظهر والعصر والمغرب والعشاء ، ورقد رقدة بالمحصب ، ثم ركب إلى البيت فطاف به سبعا ، وبرواية محمد بن إسحاق ، عن نافع عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : التحصيب سنة .

والدلالة على أنه ليس بسنة لرواية أبي الزبير عن ابن عباس قال : ما الإناخة بالمحصب سنة ، إن النبي صلى الله عليه وسلم انتظر عائشة حتى تأتي ، وابن عباس اختصاصه برسول الله صلى الله عليه وسلم وحجه معه أعرف بباطن حاله من غيره ، وروى سليمان بن يسار عن أبي رافع مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : أنا ضربت قبة لرسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يأمرني بالمحصب ، فجاء فنزل وكان أبو رافع على ثقله ، فأما حديث ابن عمر فليس بثابت ، قال الشافعي : وليس فيه سنة ثابتة فيحض عليه ويأمر به ، ولا يمنع منه لما حكينا عن السلف والمحصب وهو خيف بني كنانة وحده من الحجون ذهابا ، وهو ما بين الجبل الذي عند المقبرة إلى الجبل الذي يقابله مصعدا في الشق الأيسر ، وليست المقبرة من المحصب إلى حائط حرما إلى الجبل الذي يلتوي على شعب الجود ، وسمي المحصب ؛ لأن حصى جمرة العقبة تسيل إليه ، وقيل : سمي بذلك ؛ لأنه موضع كثر الحصاء والحصباء .

التالي السابق


الخدمات العلمية