الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
فصل : إذا مات وعليه حجة واجبة من نذر أو قضاء فاستؤجر من يحج عنه تطوعا فأحرم الأجير بالتطوع انصرف إحرامه إلى الحج الواجب دون التطوع ؛ لأن حج الأجير عنه قد أقيم مقام حجه عن نفسه ، ولو أحرم بالحج عن نفسه تطوعا وعليه حج واجب كان عن حجه الواجب ، فكذا إحرام الأجير عنه ، فلو مات وعليه حجتان : إحداهما : حجة الإسلام والأخرى حجة نذر وجب أن يستأجر من يحج عنه حجة الإسلام أولا ثم حجة النذر ، فإن أحرم الأجير عنه أولا بحجة النذر انعقدت عن حجة الإسلام ؛ لأنه لا يجوز أن يقدم على حجة الإسلام غيرها ، فلو استؤجر رجلان ليحجا عنه في عام واحد ، أحدهما يحرم لحجة الإسلام والآخر لحجة لنذر ، ففيه وجهان :

أحدهما : أنه لا يجوز ؛ لأن حج الأجير يقوم مقام حجه عن نفسه وهو لا يقدر على حجتين في عام فكذا لا يصح أن يحج عنه رجلان في عام واحد .

والثاني : أن ذلك جائز ؛ لأنه إنما لم تصح منه حجتان في عام واحد ؛ لاستحالة وقوعهما منه ، والأجيران قد تصح منهما حجتان في عام فاختلفا ، فعلى هذا أي الأجيرين سبق بالإحرام كان إحرامه منعقدا لحجة الإسلام وإحرام الذي بعده منعقدا لحجة النذر ، فإن أحرما معا في حالة واحدة من غير أن يسبق أحدهما الآخر احتمل وجهين :

أحدهما : أنه يعتبر أسبقهما إجارة وإذنا فينعقد إحرامه بحجة الإسلام والذي بعده بحجة النذر .

والثاني : أن الله تعالى يحتسب له بإحداهما عن حجة الإسلام لا يعينها والأخرى عن حجة النذر ، والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية