الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
[ ص: 306 ] فصل : فإذا تقرر هذا فإن أكل المحرم صيدا لم يقتله المحل لأجله ولا بمعونته فقد أكل حلالا ولا شيء عليه ، وإن أكل المحرم من صيد قتله المحل لأجله أو بمعونته فقد أكل حراما ، وهل عليه جزاء ما أكل أم لا ؟ على قولين :

أحدهما : عليه الجزاء وبه قال في القديم : لعموم قوله تعالى : وحرم عليكم صيد البر ما دمتم حرما ، فدخل في ذلك قتله وأكله ، فلما كان في قتله الجزاء : لتحريم قتله عليه وجب أن يكون في أكله الجزاء : لتحريم أكله عليه ، فعلى هذا في كيفية الجزاء ثلاثة أوجه :

أحدها : أن يكون ضامنا لمثله لحما من لحوم النعم يتصدق به على مساكين الحرم .

والثاني : أنه يكون ضامنا لمثله من النعم فيضمن من مثله بقدر ما أكل من لحمه ، فإن كان قد أكل عشر لحمه لزمه عشر مثله .

والوجه الثالث : أن يكون ضامنا لقيمة ما أكل دراهم يتصدق بها إن شاء أو يصرفها في طعام يتصدق به إن شاء .

والقول الثاني : لا جزاء عليه ، وبه قال في الجديد والإملاء : لأن ما قتله المحرم بنفسه أغلظ تحريما مما قتله المحل لأجله ، فلما لم يجب عليه الجزاء في أكل ما قتله بنفسه فأولى ألا يجب عليه الجزاء في أكل ما قتله لأجله .

وتحرير ذلك قياسا أنه أكل لحم صيد محرم ، فوجب ألا يلزمه جزاؤه كما لو قتله محرم ولأن قتل الصيد أغلظ من أكله : لأن المحرم إذا قتل صيدا لزمه الجزاء بقتله ، ولم يلزمه الجزاء بأكله ، فلما ثبت أن قتل هذا الصيد لا يجب فيه جزاء : فأكله أولى ألا يجب فيه جزاء .

وتحرير ذلك قياسا أنه صيد لم يضمن قتله بالجزاء ، فوجب ألا يضمن أكله بالجزاء أصله ، إذا أكله محرم ولم يصد له وهذا أصح القولين . والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية