الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
فصل : فأما المرأة إذا كانت ذات زوج وأرادت الإحرام بالحج ، فقد يكون فرضا ، وقد يكون تطوعا : لأن المرأة قد يلزمها فرض الحج بالشرائط التي تلزم الرجل ، وهي ست ، فإذا أرادت الإحرام بالحج ، فعليها استئذان الزوج : لما قد استحقه من الاستمتاع بها ، فإن أحرمت بإذنه ، فعليه تمكينها ، وليس له منعها ، فإن أحرمت بغير إذنه ، فهل له منعها أم لا ؟ على ثلاثة أقاويل - حكاها أبو حامد في جامعه :

أحدها : أن له أن يمنعها منه ، فرضا كان أو تطوعا : لأنه يستحق الاستمتاع بها عاجلا ، وإحرامها إن كان فرضا ففرض الحج على التراخي ، فكان له منعها من تعجيله ، وإن كان تطوعا ، فأولى أن يمنعها منه .

والقول الثاني : ليس له أن يمنعها منه فرضا كان أو تطوعا : لأنه إن كان فرضا ، فالفرائض مستثناة من الزوجية ، وإن كان تطوعا ، فبالدخول فيه صار فرضا .

والقول الثالث : له أن يمنعها منه إن كان تطوعا ، وليس له أن يمنعها منه وإن كان فرضا ، كما له أن يمنعها من صلاة التطوع وصيام التطوع ، ولا يمنعها من الفرض .

فإذا ثبت هذا وقلنا : للزوج أن يمنعها ، فإن منعها كانت كالمحصر بالعدو ، وتتحلل من إحرامها ، وعليها دم الإحصار ، ولا قضاء عليها ، وإن مكنها فعليها إتمام حجها ، وليس لها الإحلال منه ، ولا للزوج الرجوع فيه .

التالي السابق


الخدمات العلمية