الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
فصل : فإذا ثبت جواز اشتراك السبعة في البدنة فإذا اشتركوا فيها نظرت في أحوالهم فإنها لا تخلو من ثلاثة أقسام :

أحدها : أن يكونوا متقربين عن واجب عليهم فإذا ذبحوها ونووا بها الواجب سقط الفرض عنهم وعليهم تسليمه إلى الفقراء مذبوحا فإذا قبضوه مشاعا جاز أن يتصرفوا فيه كيف شاءوا وأقل ما يجزئ أن يدفع كل واحد منهم سهمه إلى ثلاثة فإن دفعوه إلى واحد وعشرين فقيرا ليكون كل سبع منها مدفوعا إلى ثلاثة منهم أجزأ وإن دفعوه إلى ثلاثة فإن قصدوا أن حصة كل واحد من السبعة بين الثلاثة أجزأه : لأن من أخذ من كفارة جاز أن يأخذ من غيرها وإن أطلقوه لم يجز .

[ ص: 375 ] والقسم الثاني : أن يكونوا متقربين عن واجب وتطوع فإن لم يرد المتطوع منهم أن يأكل من نصيبه شيئا خلوا بينها وبين الفقراء مذبوحة على ما مضى ، فإن أراد المتطوع منهم أن يأكل من تطوعه شيئا خلا المعترضون بين حصصهم وبين الفقراء وكان هذا المتطوع شريكا لهم فيما يريد أن يأكله على ما نذكره فيما بعد .

والقسم الثالث : أن يكون بعضهم متقربا وبعضهم يريد حصته لحما فينبغي لمن كان منهم متقربا أن يسلم حصته مشاعة إلى ثلاثة فقراء ويكون من أراد حصته لحما شريكا لهم بقدر حصته ، فإذا أرادوا قسمة ذلك بينهم فإن قلنا : إن القسمة إقرار حق وتمييز نصيب جاز أن يقتسموا ذلك لحما طريا وزنا وجزافا ، وإن قلنا : إن القسمة بيع لم يجز أن يقتسموا ذلك جزافا ولا وزنا والطريق إلى قسمته بينهم أحد وجهين : إما أن يتركوا ذلك حتى يصير لحما يابسا ثم يقتسموه وزنا ، وإما أن يجعلوه في الحال سبع حصص ويأتي كل واحد منهم إلى حصته منها فيشتري من شركائه حقهم من تلك الحصة بدرهم معلوم فتصير الحصة كلها له وعليه ثمن ما لشركائه فيها ويفعل كالواحد منهم كذلك فتصير كل حصة لواحد وعليه لشركائه ثمن حقوقهم منها ثم يبرئ بعضهم بعضا ، والله أعلم بالصواب .

التالي السابق


الخدمات العلمية