الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
مسألة : قال الشافعي رضي الله عنه : وما كان منها تطوعا أكل منها لقول الله جل وعز فإذا وجبت جنوبها فكلوا منها وأكل النبي صلى الله عليه وسلم من لحم هديه وأطعم وكان هديه تطوعا " .

قال الماوردي : وجملة الهدايا ثلاثة أضرب : ضرب وجب في الحج جبرانا ، وضرب وجب نذرا ، وضرب ساقه تطوعا .

[ ص: 379 ] فأما الواجب في الحج جبرانا وهو : ما وجب لترك مأمور به أو فعل منهي عنه فلا يجوز عند الشافعي أن يأكل من شيء منه بحال .

وقال أبو حنيفة : يجوز أن يأكل من التمتع والقران دون ما سواهما : لأنهما عنده نسك لا جبران .

وقال مالك : يجوز أن يأكل من جميع الدماء الواجبة إلا من دمين لا يجوز أن يأكل منهما وهما جزاء الصيد وفدية الأذى ، وقد مضى الكلام في ذلك من قبل ، ثم نقيس ما خالفوا فيه على ما أجمعوا هاهنا عليه فنقول : لأنه دم وجبت إراقته في حج فلم يجز أن يأكل منه كجزاء الصيد : ولأن الدم أحد نوعي ما يقع به التكفير في الإحرام فلم يجز أن يأكل منه كالطعام يعني : الحنطة ، فإذا ثبت أنه يجوز أن يأكل منه فأكل كان ضامنا له وفي كيفية ضمانه ثلاثة أوجه

أحدهما : أن يضمن قيمته ورقا ، لأنه أتلف على المساكين ما لا مثل له فوجبت عليه قيمته .

والوجه الثاني : عليه بقدر وزنه لحما ، لأنه أقرب عليه وأسهل وأنفع للمساكين .

والوجه الثالث : عليه أن يعتبر ما أكله من اللحم كم هو من الهدي أنصف أم ثلث ؟ فيلزمه مثله من الحيوان الحي .

التالي السابق


الخدمات العلمية