الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
فصل : لو كان الماء ملكا لأحدهم فمن أحق به ؟

فأما إذا كان الماء ملكا لأحدهم ، كان مالك الماء أحقهما به ولا يجوز أن يجودوا به على غيره من حي ولا ميت : لأنه لما اختص بوجوب استعماله ، فإن وهبه لغيره كان على ما مضى فيمن وهب ما ليس معه غيره ، ولو كان الماء ملكا للميت وجب على أحد الحيين أن يغسله به ، فإن احتاج الحيان إلى شربه وخافا العطش كان لهما أن يأخذا ماء الميت فيشرباه ويؤديا ثمنه في ميراثه : لأنهما لما كان لهما مغالبة الحي على مائه ، عند خوف العطش كان لهما ذلك في الميت لحراسة أنفسهما ، وعليهما ثمن ذلك وقت أخذه من الميت ، لا في غالب أحوال السلامة بخلاف ما ذكرنا من اعتبار الثمن في شراء الماء ، لأن الذي يلزمهما فيه قيمته متلف ، فاعتبرت القيمة بوقت الإتلاف فلو لم يحتاجا إلى شربه وغسلا به الميت وبقي منه بعد غسله بقية لم يكن لأحد الحيين أن يستعمله : لأنه لما لم يجز مغالبة الحي على فضل مائه : لأجل الطهارة لم يجز أخذ ما بقي من ماء الميت لأجل الطهارة ، فلو كان ماء الميت لا يكفيه لغسل جميع بدنه فأحد القولين يغتسل به في بعض بدنه ثم يومم لما بقي منه .

والثاني : يقتصر به على التيمم ، فعلى هذا لو أن أحد الحيين غسل به الميت كان ضامنا لقيمته في تركته : لأنه قد استهلك من ماله ما لا حاجة به إليه والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية