مسألة : قال  
الشافعي      - رضي الله عنه - : " ولبن الغنم ماعزه وضأنه صنف ولبن البقر عرابها وجواميسها صنف ، ولبن الإبل مهريها وعرابها صنف ، فأما إذا اختلف الصنفان فلا بأس متفاضلا يدا بيد " .  
قال  
الماوردي      : اختلف قول  
الشافعي   في  
الألبان هل هي صنف واحد أو أصناف  ، على قولين :  
أحدهما : وهو قوله في القديم ، وبه قال  
مالك   ، إنها صنف واحد : لأن الاسم الخاص يجمعها عند حدوث الربا فيها ، ولا يكون اختلاف أنواعها دليلا على اختلاف أصنافها وأجناسها ، كما أن التمر كله جنس ، وليس اختلاف أنواعه دليلا على اختلاف أجناسه .  
والقول الثاني وهو المنصوص عليه في الجديد وأكثر كتبه ، وبه قال  
أبو حنيفة   ، إن الألبان أصناف وأجناس : لأنها فروع لأصول هي أجناس ، فاقتضى أن يكون أجناسا كالأدقة والأجبان لما كانت فروعا لأجناس كانت هي أجناسا .  
فإذا قيل بالقول الأول إنها جنس واحد لم يجز بيع لبن الإبل بلبن البقر أو الغنم سواء بسواء .  
وإذا قيل بالثاني إنها أجناس مختلفة كان لبن الإبل جنسا ، لكن لا فرق بين البخاتي والعراب . ولبن البقر جنس ، ولا فرق بين العرابية والجواميس ، ولبن الغنم جنس ، ولا فرق بين الضأن والماعز .  
فإن كان الجنس واحدا حرم فيه التفاضل ، وإن كان الجنس مختلفا جاز فيه التفاضل .  
فإن قيل : فهلا منع من  
بيع اللبن باللبن  إذا كان فيهما زبد كما منع من بيع العسل بالعسل إذا      
[ ص: 121 ] كان فيهما شمع . قيل : بقاء الزبد في اللبن من كمال منافعه ، وهو في أغلب الأحوال مأكول معه ، وليس كذلك الشمع في العسل : لأنه ليس من جملته ، ولا مأكولا معه واحدا . فيستوي سمن الغنم وسمن البقر .  
وإن قيل : إن الألبان أجناس كانت هذه كلها أجناسا .  
فيكون سمن الغنم جنسا ، وسمن البقر جنسا ، والتفاضل بينهما يجوز .