الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
فصل : فأما إن كان الماء متعذرا فلا يخلو حال تعذره من أحد أمرين :

إما أن يكون لإعواز الماء أو لفساد آلته . فإن كان تعذر الماء لإعوازه سقط حكم السقي ، ثم لا يخلو حال الثمرة في تركها على النخل من أربعة أحوال :

أحدها : أن يكون تركها بغير سقي يضر بالنخل وبها ، فقطعها واجب ، ولرب النخل أن يجبر صاحب الثمرة على قطعها : لأن فيه مضرة بالنخل وليس فيه منفعة للثمرة . والحال الثانية : أن يكون تركها غير مضر بالنخل ولا بها ، فله ترك الثمرة إلى وقت جذاذها : لأنه لا مضرة على صاحب النخل في تركها . [ ص: 172 ] والحال الثالثة : أن يكون تركها مضرا بالثمرة دون النخل ، فصاحب الثمرة بالخيار في أخذ الثمرة أو تركها ، ولا يقال لصاحب النخل : لأنه لا ضرر عليه فيها .

والحال الرابعة : أن يكون تركها مضرا بالنخل دون الثمرة ، ففيه قولان :

أحدهما : لرب الثمرة أن يقر الثمرة على النخل إلى وقت الجذاذ ، وإن ضر بنخل المشتري لما فيه من صلاح الثمرة ودخول المشتري معه على بصيرة .

والقول الثاني : على رب الثمرة أخذ ثمرته وللمشتري إجباره على قطعها ليزيل عنه ضرر تركها .

فأما إن تعذر الماء لفساد الآلة ، أو لفساد المجاري ، أو لطم الآبار ، فأيهما لحقه بتأخير السقي ضرر كان له إصلاح ما يوصله إلى الماء .

فإن كان ذلك مضرا بالنخل وجب على مشتري النخل أن يزيل الضرر عن نخله بسوق الماء إلى نخله ، ولا يجبر رب الثمرة على قطع ثمرته .

وإن كان مضرا بالثمرة لزمه ذلك أو يقطعها .

وإن كان مضرا بهما جميعا لزم ذلك صاحب النخل لما ذكرنا ، إلا أن يبادر إلى قطع ثمرته فيسقط عنه والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية