الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
فصل : وأما الضرب الثاني : وهو أن يكون اختلاط الطعام بعد قبضه ، فالبيع ماض لا يفسد لانبرامه بالقبض .

فإن قيل : ما الفرق بين الطعام إذا اختلط بعد قبضه فلم يبطل البيع فيه ، وبين الثمرة إذا اختلطت بعد القبض في شجرها فبطل البيع فيها ؟ على أحد القولين :

قيل : الفرق بينهما أن قبض الطعام قد استقر فانبرمت علة العقد ، وقبض الثمرة على نخلها وفي شجرها غير مستقر وعلة العقد لم تنبرم ، ألا ترى أنها لو عطشت على نخلها وشجرها بعد قبضها وأضر ذلك بها ، كان ذلك عيبا يستحق به المشتري خيار الفسخ ، ولو كان القبض مستقرا والعقد منبرما ، ما استحق به الفسخ كما لا يستحقه في الطعام بعد القبض .

فإذا ثبت أن البيع صحيح نظر ، فإن كان قدر الطعام معلوما بأحد الأوجه التي مضت تقاسماه على ما ذكرنا .

[ ص: 176 ] وإن كان قدر الطعام مجهولا ، فإن تراضيا بشيء اتفقا عليه ، جاز واقتسماه على ذلك ، وإن تنازعا واختلفا ، نظر : فإن كانت صبرة المشتري قد انثالت على صبرة البائع فالقول قول البائع في قدر ما له مما للمشتري مع يمينه لأن اليد له .

وإن كانت صبرة البائع قد انثالت على صبرة المشتري ، فالقول قول المشتري في قدر ما له مما للبائع مع يمينه لأن اليد له .

وقال المزني : القول قول البائع : لأن يده قد كانت على الطعامين معا ، وكان أعرف بقدرهما من المشتري المستحدث إليه . وهذا خطأ : لأن ما وجب اعتبار اليد فيه كانت اليد الثانية أولى أن تكون معتبرة من اليد المرتفعة كسائر الحقوق . والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية