الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
مسألة : قال الشافعي رحمه الله تعالى : " وكذلك كل ثمرة من أصل يرى فيه أول النضج لا كمام عليها وللخربز نضج كنضج الرطب ، فإذا رئي ذلك فيه حل بيع خربزه ، والقثاء يؤكل صغارا طيبا ، فبدو صلاحه أن يتناهى عظمه أو عظم بعضه ، ثم يترك حتى يتلاحق صغاره بكباره " .

قال الماوردي : واعلم أن بدو الصلاح قد يختلف بحسب اختلاف الثمار ، وجملتها أنها على ثمانية أقسام :

أحدها : ما يكون بدو الصلاح فيه باللون ، وذلك في النخل بالاحمرار والاصفرار ، وفي الكرم بالحمرة والسواد والصفاء والبياض ، فأما الفواكه المتلونة فمنها ما يكون صلاحه بالصفرة كالمشمش ، ومنها ما يكون بالحمرة كالعناب ، ومنها ما يكون بالسواد كالإجاص ومنها ما يكون بالبياض كالتفاح .

القسم الثاني : ما يكون بدو صلاحه بالطعم ، فمنه ما يكون بالحلوة كقصب السكر ، ومنه ما يكون بالحموضة كالرمان ، فإذا زالت عنه المرارة بالحلاوة أو الحموضة فقد بدا صلاحه .

والقسم الثالث : ما يكون بدو صلاحه بالنضج واللين ، كالتين والبطيخ ، فإذا لانت صلابته فقد بدا صلاحه .

[ ص: 196 ] والقسم الرابع : ما يكون بدو صلاحه بالقوة والاشتداد كالبر والشعير ، فإذا بدت قوته واشتد فقد بدا صلاحه .

والقسم الخامس : ما يكون بدو صلاحه بالطول والامتلاء كالعلف ، والبقول والقصب ، فإذا تناهى طوله وامتلاؤه إلى الحد الذي يجز عليه فقد بدا صلاحه .

والقسم السادس : ما يكون بدو صلاحه بالعظم والكبر ، كالقثاء والخيار والباذنجان .

قال الشافعي رحمه الله : والقثاء يؤكل صغارا طيبا ، يريد أنه يخالف الثمار كلها التي لا يطيب أكلها إلا بعد بدو صلاحها ، والقثاء يطيب أكله صغارا قبل بدو صلاحه ، ولا يكون استطابة أكله صلاحا له حتى يتناهى كبره وعظمه ، لأنه عند كبره ينجو من العاهة فلا وجه لإنكار محمد بن داود على الشافعي قوله إن القثاء يؤكل صغارا طيبا ، وإن ذلك إخبار عن المحسوسات لما بينا من قصد الشافعي به .

والقسم السابع : ما يكون بدو صلاحه بانشقاق كمامه كالقطن والجوز ، فإذا انشق جوز القطن ، وسقطت القشرة العليا عن جوز الأكل فقد بدا صلاحه .

والقسم الثامن : ما يكون بدو صلاحه بانفتاحه وانقشاره كالورد ، والنيلوفر ، فإذا انفتح القسم المنضم منه وانقشر فقد بدا صلاحه ، وورق التوت فبدو صلاحه بأن يصير كأرجل البط ، هكذا قال عطاء والنخعي .

وجملة القول في بدو الصلاح أن تنتهي الثمرة أو بعضها إلى أدنى أحوال كمالها فتنجو من العاهة .

التالي السابق


الخدمات العلمية