الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
فصل : فإذا ثبت أن استبراء الأمة يجب في ملك المشتري دون البائع ، فللمشتري أن يتسلمها ليكون الاستبراء على يده سواء كانت جميلة أو قبيحة .

وقال مالك : إن كانت جميلة وجب أن توضع في مدة الاستبراء على يد عدل ، وإن كانت قبيحة جاز أن تستبرأ في يد المشتري : لأن الجميلة تدعو الشهوة إليها فلا يؤمن من المشتري أن تغلبه الشهوة على وطئها قبل الاستبراء وليس كذلك القبيحة .

ودليلنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر الغانمين بالاستبراء بعد حصول السبي بأيديهم فكذلك المشتري . ولأنه استبراء لاستحداث ملك فوجب أن يكون عند المشتري كالقبيحة الوحشة كان استبراؤها عند المالك ، ولأن كل سبب إذا ملكت به القبيحة كان استبراؤها عند المالك فوجب إذا ملكت به الجميلة أن يكون استبراؤها عند المالك كالسبي ، فإن مالكا يوافق عليه . ولأنه سلم ما لزمه من الثمن فوجب أن يستحق تسليم المثمن كسائر المبيعات ، ولا يدخل عليه السلم : لأنه لم يلزمه تسليم المثمن . ولأنه لو وجب منع المشتري منها حتى تستبرئ لبطل من وجهين :

أحدهما : أنه عقد على عين لزم فيه تأخير القبض وهذا باطل .

[ ص: 277 ] والثاني : أن جهالة مدة الاستبراء تجعل الأجل مجهولا وهذا باطل .

فأما احتجاج مالك بأنه لا يؤمن من المشتري غلبة شهوته ، فهذا المعنى موجود في العدل الموضوعة على يده ، وموجود في القبيحة إذا سلمت إلى المشتري ، فلما لم يكن هذا المعنى مانعا من تسليم الوحشة إليه فكذلك لا يمنع من تسليم الجميلة إليه .

التالي السابق


الخدمات العلمية