الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
مسألة : قال الشافعي رحمه الله تعالى : " والمضامين ما في أصلاب الفحول ، والملاقيح ما في بطون الإناث " .

قال الماوردي : وهذا صحيح . روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن بيع المضامين والملاقيح . وفيه تأويلان : أحدهما : أن المضامين ما في بطون الإناث ، والملاقيح ما في أصلاب الفحول ، وهذا قول طائفة .

والثاني : ما قال الشافعي ، قال المزني : وأنشد ابن هشام لصحة قول الشافعي قول الشاعر :


إن المضامين التي في الصلب ماء الفحول في الظهور الحدب


ليس بمغن عنك جهد الكرب

وأنشد أيضا :


منيتني ملاقحا في الأبطن     تنتج ما يلقح بعد أزمن

فإذا ثبت هذا . فبيع الملاقيح والمضامين باطل لنهي النبي صلى الله عليه وسلم عنه .

ونهيه عن بيع المجر وهو الحمل ، ولنهيه عن بيع الغرر ، وفيه غرر ، فإن قيل : فإذا كانت هذه البياعات التي نهى عنها غررا دخلت في نهيه عن بيع الغرر ، فهلا اكتفى بذلك النهي عن تخصيص هذه بالنهي ؟ قلنا : إنما فعل ذلك تأكيدا ، ولأن هذه بياعات قد كانت مألوفة لهم فخصها بالنهي ، وإن دخلت في جملة نهيه عن بيع الغرر : لأن لا يجعلوا العادة المألوفة منهم في هذه البيوع مخصصة لعموم النهي عن بيع الغرر ، فكان تخصيصها بالنهي أوكد .

التالي السابق


الخدمات العلمية