الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
مسألة : قال الشافعي رحمه الله تعالى : " ولا خير في أن يسلفه مائة على أن يقضيه خيرا منها ، ولا على أن يعطيه إياها في بلد كذا ، ولو أسلفه إياها بلا شرط فلا بأس أن يشكره فيقضيه خيرا منها " .

قال الماوردي : وهذا صحيح . أما القرض فإنما سمي قرضا : لأن المقرض يقطع قطعة من ماله فيدفعها إلى المقترض . والقطع في كلامهم هو القرض ، فلذلك قيل : ثوب مقروض ؛ أي : مقطوع ، وسمي المقراض مقراضا ؛ لأنه يقطع .

والقرض معونة وإرفاق ، والدليل على جوازه وإباحته : ما روى عطاء ، عن أبي رافع ، أن النبي صلى الله عليه وسلم اقترض من رجل بكرا فرد رباعيا ، وقال : خيار الناس أحسنهم قضاء . وروى إسماعيل بن إبراهيم بن عبد الله بن أبي ربيعة ، عن أبيه ، عن جده قال : استقرض مني رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعين ألفا ، ثم أتى بمال فقال : ادعوا لي ابن أبي ربيعة فقال : هذا مالك فبارك الله لك في مالك وولدك ، إنما جزاء السلف الحمد والوفاء .

وروي أن النبي صلى الله عليه وسلم اقترض من رجل صاعا فرد عليه صاعين . وروي عنه صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن قرض جر منفعة . فدل على جوازه إذا لم يجر منفعة .

فإذا ثبت جواز القرض فهو إنما يجوز في الأموال المنقولة ، فأما ما لا ينقل من الدور والعقار والضياع فلا يجوز قرضها اعتبارا بالعرف فيها ، وإن العادة جارية بإعارتها ، وإن ثبوتها في الذمم لا يصح . فأما الأموال المنقولة فعلى ثلاثة أضرب :

أحدها : ما كان له مثل ، كالدراهم والدنانير والبر والشعير ، وما جرى مجراه ، فقرض هذا يصح وهو مضمون على مقترضه بمثله وصفته وقدره .

والضرب الثاني : ما لا مثل له ، ولكن يضبط بالصفة ، كالثياب والحيوان ، فقرض ذلك جائز إلا الجواري فإن قرضهن لا يجوز على ما سنذكره ، وبماذا يصير هذا الضرب مضمونا على مقترضه على وجهين :

أحدهما : أنه مضمون عليه بقيمته كالمغصوب إذا لم يكن له مثل .

[ ص: 353 ] والوجه الثاني : وهو ظاهر المذهب أنه مضمون بالمثل : لأنه يصح ثبوته في الذمة إذا وصف ، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم اقترض حيوانا فرد حيوانا .

ولأن القرض إرفاق ومعونة فباين حكم المغصوب بالمفاضلة .

والضرب الثالث : ما لا مثل له ، ولا يضبط بالصفة ، كاللؤلؤ والجوهر والمعجونات من طيب أو دواء والخبز والبر المختلط بالشعير ، فهذا وما جرى مجراه في جواز قرضه وجهان :

أحدهما : وهو مذهب البصريين ، أن قرضه باطل : لأنه لا يضبط بمثل ولا صفة فلم يصح استقراره في الذمة كالسلم .

فتكون العلة فيما يصح قرضه على مذهب البصريين أنه يصح فيه السلم ، وما لا يصح قرضه هو ما لا يصح فيه السلم .

والوجه الثاني : وهو مذهب البغداديين ، أن قرضه جائز : لأن بيعه جائز ، وجعلوا العلة فيما يجوز قرضه أنه يجوز بيعه ، ويكون مضمونا على مقترضه بالقيمة وجها واحدا .

وفي اعتبار زمان ما ضمن من القرض بالقيمة ؛ وجهان :

أحدهما : أن قيمته معتبرة وقت قبضه . وهذا قول من زعم أن القرض يملك بالقبض .

والوجه الثاني : أنه يضمن قيمته أكثر ما كان قيمة من حين قبض إلى حين تصرف . وهذا قول من يزعم أن القرض يملك بالتصرف .

فصل : فأما الحيوان فإن أبا حنيفة منع من جواز قرضه بناء على أصله في أن السلف فيه لا يجوز .

والدلالة على جواز قرضه مع ما يدل عليه من جواز السلم فيه حديث أبي رافع أن النبي صلى الله عليه وسلم اقترض من رجل بكرا ورد عليه جملا رباعيا . ولأن كل عين صح أن تثبت في الذمة صداقا صح أن تثبت في الذمة قرضا وسلما كالثياب . ولأن كل ما جاز للإمام أن يقترضه للمساكين ، جاز لغيره أن يقترضه لنفسه كالدراهم والدنانير ، فإن أبا حنيفة يجوز للوالي أن يقرض الحيوان للمساكين . والله أعلم .

فصل : وأما الجواري ، فإن المزني وداود وابن جرير الطبري يجيزون قرضهن كما يجوز السلم فيهن .

وهذا خطأ : لأن ملك القرض غير مستقر : لأن للمقرض استرجاعه وللمقترض رده ، والوطء لا يجوز إلا في ملك تام ، لأن لا يصير الإنسان مستبيحا للوطء بغير بدل ، وليس هذا كالأب إذا وهب جارية لولده في جواز الهبة مع جواز استرجاع الأب لها : لأن ملك الأب قد انقطع بالهبة وإنما يستحدث ملكها بالاسترجاع .

[ ص: 354 ] ولأن الوطء منفعة لا تستباح بالعارية فوجب أن لا تستباح بالقرض كالحرة .

فإذا صح ما ذكرنا فلا يخلو حال الجارية من أحد أمرين :

إما أن تكون ممن يستبيح المقترض وطأها ، أو ممن لا يستبيح وطأها ، فإن كانت ممن يستبيح وطأها في الحال أو في ثاني الحال عند إحلال من إحرام ، أو إسلام من ردة ، أو خروج من عدة لم يجز قرضها لما ذكرنا من المعنى .

ولا يصح ما ذهب إليه المزني من تأويل كلام الشافعي في جواز قرضهن أن يكون قولا ثانيا كما وهم بعض المتأخرين من أصحابنا .

بل منصوصات الشافعي رحمه الله كلها دالة على تحريم قرضهن .

وإن كانت ممن لا يستبيح المقترض وطأها إما لكونها ذات محرم ، وإما لأن المقترض امرأة ففي جواز قرضها وجهان :

أحدهما : وهو قول البغداديين ، أن قرضها إذا حرم وطؤها جائز اعتبارا بالمعنى ، وأنه قرض لا يفضي إلى استباحة الوطء فجرى مجرى قرض العبيد .

والوجه الثاني : وهو قول البصريين ، أن قرض من حرم وطؤها لا يجوز كما أن قرض من حل وطؤها لا يجوز : لأنهن يصرن جنسا لا يجوز قرضه ، ولأن ما لا يجوز قرضه من شخص لا يجوز قرضه من غيره كالمباحة ، والله أعلم .

فصل : فإذا ثبت جواز قرض ما ذكرنا فقد اختلف أصحابنا بماذا يملك القرض على وجهين :

أحدهما : يملك بالقبض كالهبة ، ولأنه لما جاز للمقترض بالقبض أن يتصرف فيه من كل وجه دل على حصول الملك .

والوجه الثاني : أنه يملك بالتصرف بعد القبض : لأنه عقد إرفاق للمقرض بعد القبض استرجاعه ، وللمقترض رده . فدل على أنه لم يحصل له ملكه .

فإذا تقرر هذان الوجهان فللمقرض مع بقاء القرض في يد المقترض أن يسترجعه سواء تصرف فيه أو لم يتصرف ، وليس للمقترض أن يمنعه من استرجاع عينه بإعطاء بدله : لأن كل عين استحقت فاسترجاعها مع بقائها أولى من استرجاع بدلها .

فلو كان القرض قد خرج عن يد المقترض ببيع أو هبة كان للمقرض أن يطالبه ببدله فإن كان ذا مثل فمثله ، وإن كان غير ذي مثل ففي أحد الوجهين بقيمته ، ولا يلزم المقترض أن يسترجع العين التي ملكت عليه ليردها على المقرض بعينها ، لأن من صارت إليه لا يلزمه رفع يده عنها ولا إزالة ملكه .

فلو عادت إلى ملك المقترض بعد خروجها منه بابتياع أو هبة أو ميراث فهل للمقرض رجوع بعينها أو ببدلها على وجهين :

[ ص: 355 ] أحدهما : يرجع بعينها ؛ لأنها عين ما اقترض فلم يلزم أن يعدل عنها إلى البدل .

والوجه الثاني : أنه ليس له استرجاع عينها إلا برضا المقترض ، ويرجع إلى بدلها لسقوط ذلك بخروجها عن يده وعودها باستحداث ملك آخر . فلو أن المقترض رهن ما اقترضه لم يكن للمقرض أن يرجع بعينه لتعلق حق المرتهن به ويرجع عليه ببدله . فلو فكه من الرهن قبل الرجوع ببدله كان للمقرض أن يرجع بعينه دون بدله : لأنه قد كان على ملك المقترض لم يزل عنه بالرهن .

فلو كان المقترض قد أجره كان للمقرض أن يرجع به ؛ لأنه مع الإجارة باق على ملكه ، والإجارة على حالها لا تبطل برجوع المقرض ، والأجرة للمقترض : لأن عقد الإجارة في ملكه ، فإن أراد المقرض أن يرجع ببدله كان ذلك له : لأن إجارته بعض لا يلزمه الرضا به . فلو كان القرض في يد المقترض فحدث به عيب عنده : فإن كان القرض مما يستحق الرجوع بمثله كان المقرض بالخيار بين أن يرجع بعين ما أقرض معيبا ولا أرش له ، وبين أن يرجع بمثله سليما ، وخالف المغصوب الذي لا يجوز الانتقال عن عينه مع وجوده : لأن الغصب لا يزيل الملك والقرض يزيله ، وإن كان القرض مما يستحق الرجوع بقيمته كان له أن يرجع بالقرض معيبا وبأرش عيبه .

والفرق بينهما : أن ما له مثل ، فليس للقيمة فيه مدخل فكذلك الأرش ، وما لا مثل له لما وجبت قيمته دخله الأرش .

فصل : ولصحة القرض فيما يجوز قرضه ، ثلاثة شروط معتبرة :

فأما الشرط الأول : فهو إطلاق القرض حالا من غير أجل مشروط فيه ، فإن شرط فيه أجلا وقال : قد أقرضتك مائة درهم إلى شهر لم يجز .

وقال مالك : يجوز القرض مؤجلا ، ويلزم فيه الأجل ، ولا يجوز للمقرض المطالبة به قبل أجله .

وحكي نحوه عن علي وابن عباس .

وكان بعض أصحابنا يغلط فيذهب إلى جوازه ، ويتناول كلاما للشافعي في كتاب السلف أنه قال : وإن وجد الحاكم من يسلفه المال حالا لم يجعله أمانة .

وإن دليل هذا الكلام جواز القرض مؤجلا . وهذا تأويل فاسد : لأن الشافعي أجاز ذلك للحاكم ، وإن كان يرى تأجيل القرض على مذهب من يجيزه : لأن أموال اليتامى لا يجري نظر الحاكم فيها مجرى نظر المالكين . وإن كان مذهبه لم يختلف في حظر تأجيل القرض . واستدل من ذهب إلى جواز تأجيله بقوله صلى الله عليه وسلم : المسلمون على شروطهم . ولأن حقوق المراضاة إذا صح ثبوتها في الذمة معجلا صح ثبوتها في الذمة مؤجلا كالأثمان .

[ ص: 356 ] وهذا خطأ : لقوله صلى الله عليه وسلم : " كل شرط ليس في كتاب الله فهو باطل ، ولو كان مائة شرط .

فأثبت أحكام الشروط إذا جاء النص بها ودل الكتاب عليها . ولأن ما منع من التفاضل منه منع من دخول الأجل فيه كالصرف .

ولأن من حكم القرض أن يملك كل واحد منهما به مثل ملك صاحبه ، فلما كان المقترض قد ملك القرض معجلا وجب أن يكون المقرض قد ملك بدله معجلا . وأما الخبر الذي استدلوا به فمخصوص بخبرنا . وأما قياسهم على الأثمان فمنتقض بالصرف ، ثم المعنى في الأثمان أنه لما جاز الزيادة فيها صح دخول الأجل فيها ، والقرض لما لم تجز الزيادة فيه لم يصح دخول الأجل فيه .

فإذا صح أن تأجيل القرض لا يجوز ، فقد اختلف أصحابنا هل يبطل القرض باشتراط الأجل فيه ؟ على وجهين :

أحدهما : قد بطل القرض : لاشتراط ما ينافيه .

والوجه الثاني : وهو قول أبي علي بن أبي هريرة ، أن القرض صحيح : لأن الأجل وإن كان غير لازم فتأخيره من غير شرط جائز فلم يتنافيا ؛ والله أعلم .

فصل : وأما الشرط الثاني : فهو أن لا يشترط المقرض على المقترض نفعا زائدا على ما اقترض : لنهي النبي صلى الله عليه وسلم عن قرض جر منفعة .

فإن شرط زيادة على القرض فذلك ضربان :

أحدهما : أن يكون القرض مما يدخله الربا كالذهب والفضة والبر والشعير ، فمتى شرط فيه زيادة لم يجز ، وكان القرض باطلا ، سواء كانت الزيادة في القدر ، كقوله : قد أقرضتك هذه المائة بمائة وعشرة ، أو كانت الزيادة في الصفة كقوله : قد أقرضتك هذه المائة العلة بمائة صحاح ، أو كانت الزيادة في المنفعة كقوله : قد أقرضتك هذه المائة على أن تخدمني شهرا أو على أن تكتب لي بها سفتجة إلى بلد كذا : لأن هذا نفع يعود عليه لما سقط عنه من خطر الطريق ، فالقرض في هذا كله باطل لأمرين :

أحدهما : أنه قرض جر منفعة ، وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عنه .

والثاني : أن ثبوت الربا فيه بهذا الوجه يمنع منه .

والضرب الثاني : أن يكون القرض مما لا ربا فيه ، كالثياب والحيوان ، فإن كان ما شرط من الزيادة لا يتعلق بنفس القرض كقوله : على أن تخدمني شهرا لم يجز ، وكان قرضا باطلا : لأن القرض ليس بلازم ، والاستخدام لوضع شرط لازم فتنافيا .

وإن كانت الزيادة تتعلق بنفس القرض ، إما في قدره كقوله : قد أقرضتك هذا الثوب بثوبين أو هذا العبد بعبدين ، أو في صفة كقوله : قد أقرضتك هذا الثوب الهروي بثوب مروي ؛ ففي صحة القرض وجهان :

[ ص: 357 ] أحدهما : وهو قول جمهور أصحابنا أنه قرض باطل : لأنه قرض جر منفعة ، وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عنه .

والوجه الثاني : وهو قول أبي علي بن أبي هريرة وأبي حامد المروذي أنه جائز : لأنه لما جاز مثل هذا في البيع وإن لم يجز مثله في القرض انصرف عن حكم القرض إلى المبيع ، فصار بيعا بلفظ القرض .

وهذا القول واضح الفساد : لأنه يقتضي نقل القرض المقصود إلى بيع ليس بمقصود ، ولكن لو أن المقترض رد زيادة على المقرض من غير شرط جاز ، وكان محسنا : لأن النبي صلى الله عليه وسلم رد مكان بكر رباعيا ، وقال : خياركم أحسنكم قضاء . ورد مكان صاع صاعين . لكن إن كانت الزيادة في الصفة كالصحاح مكان الغلة أو الطعام الحديث مكان العتيق لزم المقرض قبولها . وإن كانت الزيادة في القدر كالصاعين مكان الصاع والدرهمين مكان الدرهم فهي هبة لا يلزم المقرض قبولها إلا باختياره .

فهذا الكلام في الشرط إذا كان زائدا . فأما الشروط الناقصة كأن أقرضه صحاحا ليرد مكانها غلة ، أو طعاما حديثا ليرد مكانه عتيقا فالشرط باطل . وفي بطلان القرض به وجهان كالأجل . وكذلك كل شرط ناقص . والفرق بين الشروط الزائدة في بطلان القرض بها ، وبين الشروط الناقصة في صحة القرض على أحد الوجهين مع ما نذكر من الفرق في الرهن وبين الشروط الزائدة فيه ، والشروط الناقصة منه ، فأما شرط الرهن والضمين في القرض فهو جائز ، وليس من هذين النوعين وإنما هو استيثاق فيه .

ثم لا يخلو حال القرض الذي شرط فيه الضمين والرهن من أن يكون المستحق فيه المثل أو القيمة ، فإن كان المستحق فيه المثل جاز شرط الرهن فيه والضمين .

وإن كان المستحق فيه القيمة ففي صحة شرط الرهن والضمين ؛ فيه وجهان :

أحدهما : لا يصح شرط الرهن والضمين فيه ، وهذا قول من زعم أن قيمة القرض معتبرة بأكثر أحواله من حين القبض إلى حين التصرف ، فلا يصح أخذ الرهن والضمين فيه للجهالة بقيمته .

والوجه الثاني : أنه يصح أخذ الرهن والضمين فيه ، وهذا على قول من زعم أن قيمته معتبرة وقت القبض . فعلى هذا إن علما قدر قيمته عند شرطه ووقت قبضه جاز أخذ الرهن فيه والضمين ، وإن جهلا أو أحدهما لم يجز . والله أعلم .

فصل : وأما الشرط الثالث فهو أن يكون القرض معلوما ، والعلم به معتبر باختلاف حاله ، فإن كان مما يستحق الرجوع بقيمته ، فالعلم به يكون بمعرفة قيمته ولا اعتبار بمعرفة قدره ولا صفته إذا صارت القيمة معلومة لاستحقاق الرجوع بها دون غيرها ، وإن كان مما يستحق الرجوع بمثله ، فالعلم به يكون من وجهين :

[ ص: 358 ] أحدهما : معرفة قدره .

والثاني : معرفة صفته . فتنتفي الجهالة عند المطالبة . فأما الصفة فمعتبرة بحسب اعتبارها في السلم .

وأما القدر فيكون بالوزن إن كان موزونا ، وبالكيل إن كان مكيلا ، والذرع والعدد إن كان مذروعا أو معدودا .

فلو كان القرض مكيلا فأقرضه إياه وزنا جاز إن لم يكن فيه الربا : لأنه يصير به معلوما .

وإن كان فيه الربا فعلى وجهين :

أحدهما : لا يجوز خوف الربا كالبيع .

والثاني : يجوز ، وبه قال أبو حامد المروذي : لأن القرض عقد إرفاق وتوسعة لا يراعى فيه ما يراعى في عقود المعاوضة . ألا ترى لو رد زيادة على ما اقترض من غير شرط جاز ، وإن لم يكن ربا محرما .

ولو كان القرض موزونا فأقرضه إياه كيلا ، فإن كان مما لا ينحصر بالكيل كالقطن ، والكتان والصفر والنحاس لم يجز : لأن الجهالة لم تنتف عنه . وإن كان مما ينحصر بالكيل فإن لم يكن فيه الربا جاز وإن كان فيه الربا فعلى الوجهين :

ولكن لو أقرضه جزافا فلم يجز للجهل بقدر ما يستحق الرجوع به .

التالي السابق


الخدمات العلمية