الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
مسألة : قال الشافعي رضي الله عنه : " ولو كان الرهن إلى أجل فأذن للراهن في بيع الرهن فباعه فجائز ولا يأخذ المرتهن من ثمنه شيئا ولا مكانه رهنا لأنه أذن له ولم يجب له البيع " .

قال الماوردي : وهذا كما قال .

إذا أذن المرتهن للراهن في بيع الرهن قبل محل الحق إذنا مطلقا من غير أن يشترط عليه تعجيل الحق من ثمنه فالإذن صحيح ، والبيع نافذ والرهن باطل ، وإنما صح البيع لوجود الإذن من مالك الإذن وبطل الرهن ، لأن البيع يزيل الملك وزوال الملك مبطل للرهن كالعتق ، ولأن حق المرتهن إنما كان في حبس الرهن بحقه ومنع الراهن من بيعه .

وإذنه في البيع مبطل لمعنى الرهن ، فكذلك إذا بيع بإذنه بطل الرهن .

فصل : فإذا ثبت جواز البيع وبطلان الرهن ، فالثمن للراهن يتصرف فيه كيف شاء ، وليس للمرتهن أن يطالبه بتعجيل الثمن قصاصا ، ولا أن يكون بيده رهنا .

أما التعجيل فلأن الحق المؤجل لا يلزم تعجيله إلا برضا من عليه الحق والراهن غير راض ، فلم يلزمه تعجيله .

[ ص: 71 ] وأما كونه رهنا مكانه فلأنه استثناء رهن ، وعقد الرهن لا يصح إلا باختيار المتعاقدين والراهن غير مختار فلم يلزمه رهنه .

فإن قيل : أو ليس لو جنى على الرهن فتلف كانت قيمته رهنا مكانه أو قصاصا من الحق فهلا كان في البيع كذلك ؟

قيل : لأن الجناية غير مبطلة للرهن ، وإنما نقلت الوثيقة من الرهن إلى بدله ، فجرى عليه حكم أصله وليس كذلك البيع .

التالي السابق


الخدمات العلمية