الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
مسألة : قال الشافعي رضي الله عنه : " وأكره رهن الأمة إلا أن توضع على يدي امرأة ثقة " .

قال الماوردي : وهذا صحيح .

إذا رهن أمة له فالواجب أن توضع على يدي امرأة ثقة ، لأنها عورة ذات فرج ، فإن شرط أن تكون على يد المرتهن أو على يدي رجل عدل ، فإن كان مأمونا ذا زوجة جاز أن توضع على يديه ، وإن كان غير مأمون أو كان مأمونا لكنه أعزب غير ذي زوجة لم يجز أن توضع على يديه لقول النبي صلى الله عليه وسلم لا يخلون رجل بامرأة فإن الشيطان ثالثهما .

سواء كانت جميلة تدعو الشهوة إليها ، أو كانت قبيحة لا تدعو الشهوة إليها ، لأن القبيحة تشتهي ، وسواء كانت مما يحبل مثلها أو كانت مما لا يحبل لصغر أو إياس : لأن المنع ليس لأجل الإحبال وحده ، وإنما المنع خوفا من مواقعة الفاحشة ، وسواء رضي بذلك الراهن أم لا ، لأن هذا المنع لا يختص بها لأجل ملكه وإنما هو لحق الله تعالى خوفا من مواقعة ما حرم الله ، وإذا ثبت أنها لا توضع على يد المرتهن وإن شرط كونها على يده ، فإن هذا الشرط لا يقدح في صحة الرهن : لأنه شرط لم يمنع منه لأجل الملك ، وإنما منع منه لحق الله تعالى ، فتوضع على يد امرأة ثقة ، فلو رهنها ولم يشرط في العقد من توضع على يديه صح العقد بخلاف رهن غيرها من الأملاك ، فإن غيرها من الأملاك المنقولة إذا لم يذكر في العقد من يكون على يديه بطل العقد في أحد الوجهين ، وفي الأمة لا يبطل وجها واحدا ، والفرق بينهما أن الأمة ليست لها إلا جهة واحدة تكون موضوعة فيها ، وهي أن تكون موضوعة على يد امرأة ثقة ، وغيرها من الرهون له جهات شتى يجوز أن يكون فيها ، فبطل الرهن مع الإطلاق على أحد الوجهين لاختلاف الجهات .

التالي السابق


الخدمات العلمية