الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
فصل : وإن كان الرهن عبدا وأراد الراهن أن يختنه ، فإن كان حقه حالا أو مؤجلا يحل قبل برئه من الختان ، فإن للمرتهن منعه ، لأن في بيعه قبل برئه نقصا في ثمنه ، وإن كان الحق مؤجلا يحل بعد برئه من الختان لم يكن للمرتهن منعه لورود الشرع به ، إلا أن يكون في شدة حر أو برد أو بالعبد ضنى من مرض يخشى عليه إن ختن ، فيمنع منه حتى يطيب الزمان فيزول المرض ، فأما إن أراد أن يحجمه فله ذلك ولا يمنع ، لأن الحجامة نافعة في الغالب غير مخوفة في العادة .

فأما الفصاد فهو أخوف وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : قطع العروق مسقمة ، والحجامة خير منه .

فإن لم تدعه إلى الفصاد حاجة منع منه ، وإن دعته إلى الفصاد حاجة لم يمنع منه ، فقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم " أنه أرخص لأبي بن كعب في الفصد " .

[ ص: 217 ] وأما إن وقعت في عضو من أعضائه أكلة فأراد قطعها فإن كان الخوف من القطع أكثر من الخوف من الأكلة منع من قطعها ، وإن كان الخوف من الأكلة أكثر من الخوف من القطع لم يمنع .

وإن كان الخوف من الأكلة كالخوف من القطع نظر ، فإن كان القطع يزيد في ثمنه لم يمنع ، وإن كان لا يزيد فيه منع .

فأما شرب الدواء فنوعان ، مخوف وغير مخوف ، فأما غير المخوف كالشراب والسعوط فغير ممنوع منه ، وأما المخوف فما لم تدع إليه حاجة فهو ممنوع منه ، وإن دعت إليه حاجة فعلى ثلاثة أقسام :

أحدها : أن تكون السلامة فيه أغلب من الخوف ، فهذا غير ممنوع منه .

والثاني : أن يكون الخوف منه أغلب من السلامة ، فهذا ممنوع منه .

والثالث : أن يستوي فيه السلامة والخوف ، فيمنع منه لأنه مخوف .

التالي السابق


الخدمات العلمية