الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
فصل : وإن كانت الثمرة غير بادية الصلاح فعلى ضربين :

أحدهما : أن ترهن في دين حال .

والثاني : في مؤجل .

فإن رهنت في دين حال فهل من شرط صحة رهنها اشتراط قطعها ، أم لا ؟ على قولين :

[ ص: 235 ] أحدهما : أن اشتراط القطع شرط في صحة الرهن ، فإن رهنت بغير شرط القطع كان رهنا باطلا كالبيع ، وهذا القول منصوص في كتاب التفليس ، فعلى هذا لو صح رهنها باشتراط قطعها فقال المرتهن بعتها على رءوس النخل قبل القطع ، وقال الراهن لست أبيعها إلا بعد القطع ، فالقول قول الراهن لأجل شرطه ، ويؤخذ المرتهن بقطعه قبل بيعه .

والقول الثاني : نص عليه في هذا الموضع ، وهو الصحيح : أن اشتراط القطع فيها ليس بشرط في صحة الرهن ، فإن رهنها بشرط القطع صح الرهن ، ووجب بالقطع ، فإن رهنها بغير شرط القطع صح الرهن ولم يجب القطع ، وإنما لم يكن القطع في صحة الرهن شرطا ، وإن كان في صحة البيع شرطا أن في البيع ثمنا منع النبي صلى الله عليه وسلم من استحلاله في الثمرة قبل بدو صلاحها ، فقال صلى الله عليه وسلم أرأيت إن منع الله الثمرة فيم يأخذ أحدكم مال أخيه فكان القطع شرطا في صحته ، لأن لا يؤدي إلى استحلال الثمن من غير تسليم المبيع ، ولأن حصوله في يد مشتريه ، والرهن لا يقابل ثمنا ، وإنما دخل في الحق وثيقة ، فلم يكن القطع في صحته شرطا .

التالي السابق


الخدمات العلمية