الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
مسألة : قال الشافعي رضي الله عنه : " ولو أسلفه ألفا على أن يرهنه بها رهنا وشرط المرتهن لنفسه منفعة الرهن فالشرط باطل لأن ذلك زيادة في الألف " .

قال الماوردي : صورتها في رجل اقترض من رجل ألفا على أن يعطيه بها رهنا معينا على أن له منافع الرهن ، وهذا على ضربين :

أحدهما : أن يشترط منافع الرهن ملكا لنفسه ، فهذا قرض باطل لأنه يجر منفعة ، ورهن باطل : لأنه مشروط في قرض قد بطل .

والضرب الثاني : أن يشترط في منافع الرهن أن يكون رهنا وهي أعيان ، فالقرض لا يبطل ، لأن فساد الرهن في القرض لا يوجب فساد القرض ، وفي صحة الشرط قولان :

أحدهما : أن هذا الشرط صحيح ، وتكون المنافع رهنا .

والثاني : أن الشرط باطل ، ولا تكون المنافع الحادثة رهنا ، فعلى هذا في بطلان الرهن قولان .

مسالة : قال الشافعي رضي الله عنه : " ولو كان اشترى منه على هذا الشرط فالبيع بالخيار في فسخ البيع أو إثباته ، والرهن ويبطل الشرط ( قال المزني ) قلت أنا : أصل قول الشافعي : كل بيع فاسد بشرط وغيره أنه لا يجوز ، وإن أجيز حتى يبتدأ بما يجوز " .

قال الماوردي : وصورتها في رجل ابتاع من رجل بيعا وشرط أن يعطيه بثمنه رهنا معينا على أن منافع الرهن للمرتهن ، وهذا على ضربين :

[ ص: 248 ] أحدهما : وهو مسألة الكتاب : أن يكون الشرط باطلا ، وهل يبطل الرهن أم لا ؟ على قولين :

أحدهما : إنه باطل ، فعلى هذا من بطلان البيع قولان :

أحدهما باطل ، والثاني جائز ، وللبائع المرتهن الخيار بين إمضاء البيع بلا رهن وبين فسخه ، وإنما كان له فسخه وإن صح الرهن على هذا القول : لأنه شرط منافعه لنفسه ، فلما فاته الشرط ثبت له الخيار ، وقد كان بعض أصحابنا يرتبها غير هذا الترتيب ، وخرج المسألة على ثلاثة أقاويل :

أحدها : بطلان الشرط في الرهن والبيع .

والثاني : بطلان الشرط والرهن وجواز البيع .

والثالث : بطلان الشرط وجواز الرهن والبيع .

والضرب الثاني : أن يكون الشرط في البيع ، فلا يخلو حال المنافع من أحد أمرين :

إما أن تكون أعيانا كالنتاج والثمار ، أو آثارا كالسكنى والركوب ، فإن كانت أعيانا كان البيع باطلا : لأن الأعيان المعدومة صارت ثمنا في البيع ، وإذا بطل البيع فلا رهن أصلا .

وإن كانت آثارا كالسكنى والركوب ، فإن كانت غير مقدرة بزمان وإنما شرطت ما بقي الرهن فالبيع باطل : لأن الراهن قد يعجل قضاء الحق أو يؤخره ، فتجهل المنافع التي هي مضافة إلى الثمن ، وكان البيع باطلا والرهن مجهولا ، وإن كانت مقدرة بزمان كأنه شرط سكنى الدار المرهونة سنة ، أو شرط ركوب الدابة المرهونة شهرا ، فهذا عقد قد جمع بيعا وإجارة فكان على قولين :

أحدهما : إنهما باطلان ولا رهن .

والثاني : إنهما جائزان والرهن صحيح ولا خيار للبائع المرتهن لحصول غرضه واستيفائه .

التالي السابق


الخدمات العلمية