الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
مسألة : قال الشافعي رضي الله عنه : " وإذا تطهر الرجل المقيم بغسل أو وضوء ثم أدخل رجليه الخفين وهما طاهرتان ثم أحدث فإنه يمسح عليهما من وقت ما أحدث يوما [ ص: 357 ] وليلة وذلك إلى الوقت الذي أحدث فيه فإن كان مسافرا مسح ثلاثة أيام ولياليهن إلى الوقت الذي أحدث " .

قال الماوردي : وهذا كما قال إذا ثبت تحديد المسح للمقيم بيوم وليلة وللمسافر ثلاثة أيام ولياليهن ، فقد اختلف الفقهاء في أول زمانه فقال الحسن البصري أول زمانه من وقت لباسه الخفين ، وقال الأوزاعي وأحمد وأبو ثور أول زمانه من وقت مسحه على الخفين ، وقال الشافعي وأبو حنيفة أول زمانه من وقت حدثه بعد لباس الخفين .

واستدل من اعتبر أول زمان حدثه من وقت اللباس بحديث صفوان بن عسال قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرنا إذا كنا مسافرين أو سفرا أن لا ننزع خفافنا ثلاثة أيام ولياليهن ، فجعل الثلاثة مدة اللباس .

واستدل من اعتبر أول زمانه من وقت المسح بحديث أبي بكرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : يمسح المقيم يوما وليلة والمسافر ثلاثة أيام ولياليهن فجعل ذلك مدة المسح .

والدليل على أن أول زمانه من وقت الحدث إنك تجعل ما استدل به كل واحد من الفريقين حجة على الآخر ، ثم تستدل بالمعنى الدال عليهما ، وهو أن كل عبادة اعتبر فيها الوقت فإن ابتداء وقتها محسوب من الوقت الذي يمكن فيه فعلها وصفتها معتبرة بوقت أدائها كالصلاة إن كانت ظهرا فأول وقتها زوال الشمس ، وصفتها في القصر والإتمام بوقت الأداء والفعل ، فإن كان وقت فعلها وأدائها مسافرا قصر ، وإن كان مقيما أتم ، كذلك المسح أول زمانه من وقت الحدث : لأن أول وقت الفعل وصفته في مسح المقيم والمسافر معتبر بوقت المسح .

التالي السابق


الخدمات العلمية