الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
مسألة : قال الشافعي رضي الله عنه : " فمن بايعه بعد الحجر فهو المتلف لماله " قال الماوردي : وهذا كما قال : مبايعة المحجور عليه بالسفه باطلة ، فإن كان السفيه هو البائع انتزع ما باع من يد مشتريه لفساد العقد فيه ، فإن تلف المبيع في يد المشتري كان مضمونا عليه بالقيمة دون الثمن ، وإن كان السفيه هو المشتري كان لبائعه انتزاع ذلك من يد السفيه إن كان باقيا ، وإن كان تالفا فلا ضمان على السفيه لا في الحال ولا بعد فك الحجر ، لأن من عامله مع ظهور حاله صار هو المتلف لماله .

ولكن هل يلزمه غرم ذلك فيما بينه وبين الله تعالى بعد فك الحجر عنه فتيا لا حكما على وجهين :

أحدهما : لا يلزمه لأن اختيار المالك لمعاملته رضا منه باستهلاكه ، وهذا قول أبي علي بن أبي هريرة .

والوجه الثاني : يلزمه غرمه فيما بينه وبين الله تعالى ؛ لأنه مكلف استهلاك مال على طريق المعاوضة ، وهذا قول أبي ثور .

ولكن لو ضمن مالا بطل ضمانه ولم يلزمه الغرم حكما ولا فيما بينه وبين الله تعالى وجها واحدا ، لأنه ليس في الضمان استهلاك ، وإنما هو مجرد التزام إذا بطل سقط حكمه .

التالي السابق


الخدمات العلمية