الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
مسألة : قال الشافعي رضي الله عنه : " ولم أجعل لواحد منهما أن يفتح فيه كوة ولا يبني عليه إلا بإذن صاحبه " .

قال الماوردي : وهذا كما قال ، إذا كان الحائط بين شريكين لم يكن لأحدهما أن يفتح فيه كوة ، ولا يضع فيه جذعا ، ولا يسمر فيه وتدا إلا بإذن شريكه .

وجوز العراقيون لأحد الشريكين أن يفعل في الحائط ما لا يضر به من فتح كوة وإيتاد وتد اعتبارا بالعرف المعتاد فيه بين الناس ، وهذا خطأ لأمرين :

أحدهما : أن تفرد أحدهما بالتصرف في ذلك غير جائز .

[ ص: 394 ] والثاني : أنه هدم بعض الحائط فلم يجز كالباب .

فإن قيل : فهلا كان كوضع الجذوع فيه فيكون على قولين :

قيل : الفرق بينهما أن الحائط موضوع للحيلولة ، ووضع الأجذاع فيه لا يمنع من الحيلولة ، وفتح الكوة يمنع منها ، فلو أذن أحدهما لصاحبه في فتح كوة ثم أراد سدها لم يكن له ذلك إلا بإذن شريكه ، لأنه زيادة بناء على حائطه .

والشريكان في الحائط لا يجوز لأحدهما البناء عليه إلا بإذن شريكه فيه .

وكل ما لم يكن للشريك أن يفعله فأولى أن لا يكون للجار أن يفعله .

فلو صالح جاره على فتح كوة في حائطه لم يجز ؛ لأنه صلح على الهواء والضوء ، ولو أن رجلا فتح كوة في حائطه فأراد جاره أن يبني في وجهها حائطا في ملكه يمنعه الضوء من الكوة جاز ولم يكن لصاحب الكوة أن يمنعه ، لأنه متصرف في ملكه .

التالي السابق


الخدمات العلمية