الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
مسألة : قال الشافعي رضي الله عنه : " ولا يمسح على الجوربين إلا أن يكون الجوربان مجلدي القدمين إلى الكعبين حتى يقوما مقام الخفين " .

قال الماوردي : اعلم أن الجورب على ضربين :

أحدهما : أن يكون مجلد القدم فيجوز المسح عليه ، وقال أبو حنيفة لا يجوز المسح عليه استدلالا بأن ما لا ينطلق اسم الخف عليه لم يجز المسح عليه ، كالنعل .

ودليلنا رواية أبي قيس الأودي عن هذيل بن شرحبيل عن المغيرة بن شعبة أن النبي صلى الله عليه وسلم توضأ ومسح على الجوربين والنعلين . ولأن ما أمكن المشي عليه إذا استتر به محل الفرض جاز المسح عليه ، كالخف ، ولأن كل حكم تعلق بلباس الخف تعلق بلباس الجورب المجلد كالفدية على الحرم فأما النعل فلا يستر القدم فلم يجز المسح عليها .

و الضرب الثاني : أن يكون الجورب غير مجلد القدم فهو على ضربين :

أحدهما : أن يكون الجورب غير منعل فلا يجوز له المسح عليه .

وقال الثوري ، وأحمد ، وإسحاق ، يجوز المسح عليه ، استدلالا بالخبر أنه مسح على الجوربين ، وقياسا على المجلدين .

ودليلنا هو أنه وارى قدميه بما لا يمكن متابعة المشي عليه فلم يجز المسح عليه [ ص: 365 ] كاللفائف والخرق ، والخبر محمول على ما ذكرنا من المجلدين والمعنى في المجلدين أن متابعة المشي عليهما ممكن .

والضرب الثاني : أن يكون منعل الأسفل فهذا على ضربين :

أحدهما : أن يكون مما يشف ويصل بلل المسح عليه إلى القدم ، فلا يجوز المسح عليه .

والثاني : أن يكون مما لا يشف ويمنع صفاقه من وصول بلل المسح إلى قدميه ، فقد اختلف أصحابنا في جواز المسح عليه على وجهين :

أحدهما : لا يجوز وهو رواية المزني ، والثاني : يجوز ، وهي رواية الربيع .

التالي السابق


الخدمات العلمية