[ ص: 82 ] باب السواك  
قال  
الشافعي   رحمه الله : " وأحب السواك للصلوات ، وعند كل حال تغير فيها الفم ، للاستيقاظ من النوم والأدم وكل ما يغير الفم ، لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : "  
nindex.php?page=hadith&LINKID=920614لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة     " .  
قال  
الشافعي      : ولو كان واجبا لأمرهم به شق أو لم يشق .  
قال  
الماوردي      : وهذا صحيح ،  
السواك  عندنا سنة مستحبة ، وفضيلة حسنة ، لما رواه  
الشافعي   ، عن  
سفيان بن عيينة   ، عن  
محمد بن إسحاق   ، عن  
ابن أبي عتيق   ، عن  
عائشة  ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :  
nindex.php?page=hadith&LINKID=920615السواك مطهرة للفم مرضاة للرب     .  
وروي مثراة للمال ، منماة للولد .  
وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : "  
nindex.php?page=hadith&LINKID=920616طهروا أفواهكم بالسواك ، فإنها مسالك القرآن     .   
[ ص: 83 ] وروي أن الناس استبطأوا الوحي ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم :  
وكيف لا يبطئ وأنتم لا تسوكون أفواهكم ، ولا تقلمون أظفاركم ، ولا تنقعون براجمكم     .  
وروى  
الزبير   ، عن  
عائشة  قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :  
nindex.php?page=hadith&LINKID=920617عشر من الفطرة : قص الشارب ، وإعفاء اللحية ، والسواك ، والمضمضة ، والاستنشاق ، وقص الأظفار ، وغسل البراجم ، ونتف الإبط ، وحلق العانة ، وانتفاض الماء يعني : " الاستنجاء     " . فإذا ثبت بما ذكرنا أن السواك مأمور به ، فهو سنة ليس بواجب ، وقال  
داود بن علي      :  
السواك واجب ، لكن لا يقدح تركه في صحة الصلاة     . وقال  
إسحاق ابن راهويه      : السواك واجب ، فإن تركه عامدا بطلت صلاته ، وإن تركه ناسيا لم تبطل ، واستدلا جميعا على وجوبه بما  
nindex.php?page=hadith&LINKID=920618روي أن قوما دخلوا على النبي صلى الله عليه وسلم فرأى في أسنانهم صفرة ، فقال : ما لي أراكم تدخلون علي قلحا استاكوا     . وهذا أمر يقتضي الوجوب ، والقلح في الأسنان : الصفرة .  
وروى  
سفيان   ، عن  
أبي الحويرث   ، عن  
نافع   ، عن  
ابن جبير   ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : "  
ما زال  جبريل   يوصيني بالسواك حتى خشيت أن يدردني     " . أي : تتناثر أسناني ، فأصير أدرد من كثرة السواك ، ومن قول الشاعر :  
أخذت بالجمة رأسا ارعوا  وبالثنايا الواضحات الدردرا  
والدليل على أنه ليس بواجب ، ما رواه  
الشافعي   ، عن  
سفيان   ، عن  
أبي الزناد   ، عن  
الأعرج   ، عن  
أبي هريرة   أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : "  
nindex.php?page=hadith&LINKID=920619لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بتأخير      [ ص: 84 ] العشاء وبالسواك عند كل صلاة     . وفيه دليلان :  
أحدهما : ما ذكره  
الشافعي   ، أنه لو كان واجبا ، لأمرهم به ، شق أو لم يشق .  
والثاني : أن قوله : " لأمرتهم " به دليل على أنه لم يأمرهم به ، وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : "  
nindex.php?page=hadith&LINKID=920620ما زال  جبريل   يوصيني بالسواك حتى خشيت أن يفرضه     " . فدل على أنه لم يفرض ، وروي عن النبي عليه السلام أنه قال : "  
كتب الوتر علي ولم يكتب عليكم ، وكتب الأضحى علي ولم يكتب عليكم وكتب السواك علي ولم يكتب عليكم     " . وهذا نص ، وأما الجواب عن استدلالهم بقوله عليه السلام :  
استاكوا  فهو أنه أمر به لإزالة القلح ، وإزالة القلح ليس بواجب ، وكذلك السواك ليس بواجب ، وأما الخبر الآخر ، فقد بينه " حتى خشيت أن يفرضه " فإذا ثبت أنه ليس بواجب ، فهو مستحب في خمسة أحوال :  
أحدها :  
عند القيام من النوم  ، لرواية  
أبي وائل   ، عن  
حذيفة بن اليمان   ،  
nindex.php?page=hadith&LINKID=920622أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا قام من الليل ، شوص فاه بالسواك     .  
وقال  
أبو عبيد      : الشوص الغسل . والموص مثله ، وأنشد  
لامرئ القيس      :  
بأسود ملتف الغدائر وارد      وذي أشر تسوفه وتشوص  
والحالة الثانية :  
عند الوضوء للصلاة  ، لرواية  
سعد بن هشام   ، عن  
عائشة  ،  
nindex.php?page=hadith&LINKID=920623أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يوضع له وضوءه وسواكه     .      
[ ص: 85 ] والحالة الثالثة :  
عند القيام إلى الصلاة  ، لرواية  
عبد الله بن حنظلة بن أبي عامر   nindex.php?page=hadith&LINKID=920624أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بالوضوء لكل صلاة ، طاهرا كان أو غير طاهر ، فلما شق ذلك عليه ، أمر بالسواك لكل صلاة     .  
والحالة الرابعة : عند قراءة القرآن ، لقوله عليه السلام :  
nindex.php?page=hadith&LINKID=920615  " السواك مطهرة للفم ، مرضاة للرب     " .  
والفم قد يتغير في أربعة أحوال     : إما عند كثرة الكلام ، وإما بطول السكوت ، وإما بشدة الجوع ، وإما لأكل ما يغير الفم من الأشياء المريحة . قال  
الشافعي      : والاستيقاظ من النوم ، والأزم ، وفي الأزم تأويلان :  
أحدهما : أنه الجوع ، ومنه ما  روي أن  
عمر بن الخطاب   رضي الله عنه سأل  
الحارث بن كلدة   ، وكان طبيب العرق فقال : ما ألذ ؟ فقال : الأكل ، فقال : وما الدواء ؟ قال : الأزم     . يعني الجوع والاحتماء . وقال  
كعب بن زهير      :  
المطعمون إذا ما أزمة      والطيبون ثيابا كلما عرقوا  
والثاني : أنه السكوت ، وهو في اللغة : الإمساك ، فتارة يقربه عن الجوع ، لأنه إمساك عن الأكل ، وتارة يعبر به عن السكوت ، لأنه إمساك عن الكلام .  
فإذا تقرر ما وصفنا ، فقد قال  
الخليل بن أحمد      : السواك مأخوذ من الاضطراب والتحرك ، من قولهم : تساوكت الإبل ، إذا اضطربت أعناقها من الهزال ، وأنشد قول الشاعر :  
إلى الله أشكو ما أرى بجيادنا      تساوك هزلى مخهن قليل