الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
مسألة : قال المزني رضي الله عنه : " ولو قال وكلتك ببيع متاعي وقبضته مني فأنكر ثم أقر أو قامت البينة عليه بذلك ضمن لأنه خرج بالجحود من الأمانات " .

قال الماوردي : وهذا صحيح ، وصورتها في رجل ادعى على رجل أنه وكله ببيع متاعه وأقبضه إياه فأنكر المدعى عليه الوكالة وقبض المتاع فالقول قوله مع يمينه لأنه منكر ، فإن أقام المدعي بينة بالوكالة وقبض المتاع صار ضامنا لأنه خرج بالجحود عن الأمانة فصار كجاحد الوديعة ، فلو ادعى بعد قيام البينة عليه تلفها أو ردها على مالكها لم تقبل دعواه ؛ لأن من ضمن مالا لم يقبل قوله في ادعاء البراءة منه ، ولأنه صار بالإنكار الأول مكذبا لهذه الدعوى منه .

وهكذا لو عاد بعد إنكاره فأقر بقبض المتاع فادعى تلفه أو رده لم يقبل منه ، وكان ضامنا له لقيام البينة عليه بقبضه ، فلو أقام البينة برده على موكله أو بتلف ذلك في يده قبل جحوده ففيه وجهان :

أحدهما : وهو قول أبي علي بن أبي هريرة أنها بينة مردودة لأنه قد أكذبها بسابق إنكاره .

والوجه الثاني وهو قول أبي القاسم الصيمري وحكاه أبو حامد الإسفراييني أن بينته مقبولة لتقدم ما شهد به على الجحود الموجب للضمان ، والوجه الأول أصح .

التالي السابق


الخدمات العلمية