الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
فصل : والضرب الثاني : أن يكون الشرط الذي شرطه الموكل في بيع وكيله يصح معه العقد ولا يبطل به البيع ، فعلى الوكيل أن يعقد البيع على الشرط المأذون فيه ولا يتجاوزه إلا أن يكون الشرط بالمجاوزة موجودا مع زيادة ، فيصح البيع حينئذ على ما سنشرحه .

ولا تكون الزيادة مانعة من صحته .

وإذا كان كذلك فالشرط على ضربين :

[ ص: 542 ] أحدهما : أن يختص بأحوال العقد والثاني أن يختص بصفات العقد .

فأما المختص بأحوال العقد فثلاثة أشياء :

أحدهما : أن يأذن له في بيعه على رجل بعينه .

والثاني : أن يأذن له في بيعه في زمان بعينه .

والثالث : أن يأذن له في بيعه في مكان بعينه .

فأما إذنه ببيعه على رجل بعينه فلازم ولا يجوز للوكيل أن يعدل إلى بيعه على غيره لأنه المقصود بالتمليك ، فلم يصح عدول الوكيل عنه كالهبة ، فعلى هذا لو مات ذلك الرجل بطلت الوكالة بالبيع ولم يجز للوكيل أن يبيعه على وارثه ولا على غير وارثه ، ولو كان حيا وامتنع من ابتياعه لم تبطل الوكالة لجواز أن يرغب فيه من بعد .

وأما إذنه ببيعه في زمان بعينه فلازم ولا يجوز للوكيل أن يبيعه قبل ذلك الزمان ولا بعده .

أما قبله فلأن وقت الإذن لم يأت .

وأما بعده فلبطلان الوكالة بالفوات ، وقد يكون للإنسان غرض صحيح في استيفاء ملكه إلى زمان بعينه .

فأما إذنه ببيعه في مكان بعينه فإن كان فيه غرض صحيح لاختلاف الأسعار باختلاف الأماكن أو جودة النقود فهو شرط لازم لا يجوز للوكيل أن يبيعه في غير ذلك المكان .

فإن فعل وسلمه فالبيع باطل فهو بالتسليم ضامن فإن لم يكن في ذلك المكان غرض صحيح ولا معنى مستفاد نظر في صفة إذنه فإن كان قال : لا تبيعوا إلا في مكان كذا أو في سوق كذا لزم وكان البيع في غير ذلك المكان باطلا لصريح النهي عنه .

وإن قال بعه في سوق كذا أو في مكان كذا ولم يصرح بالنهي عما سواه ففي لزوم اشتراطه وجهان :

أحدهما : أنه شرط لازم لا يجوز للوكيل أن يبيعه في غيره لأنه أملك بأحوال إذنه .

والوجه الثاني : أنه شرط غير لازم لفساد الغرض المقصود به ، والأول أشبه .

التالي السابق


الخدمات العلمية