الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
مسألة : قال الشافعي - رضي الله عنه - : " ولا يجوز إقرار العبد في المال إلا بأن يأذن له سيده في التجارة فإن لم يأذن له سيده فمتى عتق وملك غرم ويجوز إقراره في القتل ، والقطع ، والحد ؛ لأن ذلك على نفسه " .

قال الماوردي : وهذا كما قال وجملة إقرار العبد أنه على ثلاثة أقسام :

[ الأول ] : قسم يتعلق ببدنه .

[ الثاني ] : قسم يتعلق بماله .

[ الثالث ] : وقسم يتعلق ببدنه وماله .

[ ص: 41 ] فأما المتعلق ببدنه فإقراره بقتل يوجب قودا ، أو زنا يوجب حدا ، أو قذفا يوجب جلدا وذلك مقبول منه ومأخوذ به ، ولا اعتبار بتكذيب سيده ، وقال المزني وزفر ومحمد بن الحسن وداود : إن إقراره بتكذيب السيد مردود ، استدلالا بأن بدنه ملك لسيده فكان إقراره في بدنه إقرارا في ملك سيده ولأنه متهوم في إقراره إضرارا بسيده فكان مردودا كإقراره بالمال وهذا خطأ ، ودليلنا قوله - صلى الله عليه وسلم - : " من أتى من هذه القاذورات شيئا فليستتر بستر الله فإنه من يبد لنا صفحته نقم حد الله عليه " . فكان على عمومه في كل مبد لصفحته من حر وعبد ، ولأنه أقر بحق على بدنه فوجب أن يلزمه إقراره كالصلاة ، والصيام ولأن ما لا يقبل فيه إقرار السيد على العبد يقبل فيه إقرار العبد على السيد كالردة طردا ، والمال عكسا .

فأما الجواب عن استدلالهم بإقراره في ملك سيده فهو أن السيد لم يملك ذلك منه ، ألا ترى أن إقراره فيه لا ينفذ ولو ملكه لنفذ إقراره فيه وأما الجواب عن استدلالهم بالتهمة فهو أن التهمة منتفية عن العاقل أن يقتل نفسه إضرارا بغيره .

التالي السابق


الخدمات العلمية