الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
فصل : وأما المتعلق بالمال فضربان :

أحدهما : مداينة مراضاة .

والثاني : جناية إكراه .

فأما مداينة المراضاة فهو كل حق لزم باختيار مستحقه ومعاملة مستوجبة كالأثمان ، والقروض ، والأجور ، وما يتعلق بذلك فلا يخلو حاله من أن يكون مأذونا له في التجارة ، أو غير مأذون له . فإن كان مأذونا له في التجارة تعلق إقراره بما في يده من أموال التجارة ؛ لأنه بالإذن في التجارة مسلط على الإقرار بموجبها ، فإن ضاق ما بيده عن دينه الذي أقر به كان الفاضل عنه في ذمته يؤديه إذا عتق وأيسر به ، ولا يتعلق برقبته .

وقال أبو حنيفة : يكون الفاضل من ديون إقراره ومعاملاته متعلقا برقبته يباع منه حتى يقضي استدلالا بأن إذن السيد موجب لضمان ديونه كما يوجب إذنه بالنكاح ضمان الصداق لزوجته .

ودليلنا هو أن كل حق ثبت برضا مستحقه كان محله في الذمة دون الرقبة قياسا على غير المأذون له في التجارة ، ولأنه لما استوى حق الجناية من المأذون له ، وغير المأذون في تعلقه بالرقبة وجب أن يستوي حكم المداينة من المأذون له ، وغير المأذون في تعلقه بالذمة ، فأما استدلاله بالصداق ففيه قولان :

أحدهما : لا يضمنه ، فعلى هذا يكون السؤال ساقطا .

[ ص: 42 ] والثاني : يصير ضامنا له وهذا على القول الذي يوجب على السيد تزويج عبده إذا احتاج وسأل .

فعلى هذا الفرق بين الصداق ، والمداينة وجوب الإذن له بالتزويج فكان ملتزما للصداق فيه كالنفقة ، ولا يجب عليه الإذن له بالتجارة فلم يلزم ضمان ما حدث من مداينة .

التالي السابق


الخدمات العلمية