الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
مسألة : قال الشافعي - رحمه الله تعالى - : " في ولدها الذين ولدوا في الغصب كالحكم في بدنها " .

[ ص: 150 ] قال الماوردي : وهذا كما قال . ولد المغصوبة مضمون على الغاصب سواء كان الحمل موجودا عند الغصب ، أو حادثا بعده وقال أبو حنيفة : ولد المغصوبة غير مضمون على الغاصب سواء كان الغصب حملا ، أو حادثا إلا أن يمنع منه بعد الطلب فيضمن بالمنع استدلالا بما ذكر في زيادة البدن ، في أن حصول الشيء في يده من غير فعل لا يوجب الضمان عليه كالريح إذا أطارت ثوبا ، والشاة إذا دخلت له دارا .

ودليلنا : هو أن ولد المغصوبة في يد الغاصب كالأم بدليل أنه لو ادعاه لقبل قوله لمكان يده فوجب أن يكون ضامنا له باليد كأمه ولأن ضمان الغصب أقوى من ضمان الصيد ، ثم ثبت أن ولد الصيد مضمون على المحرم فولد الغصب أولى أن يكون مضمونا ويتحرر من اعتلاله قياسان :

أحدهما : أن ما ضمنت به الأم من التعدي ضمن به الولد كالصيد على المحرم .

والثاني : أن ما ضمن به ولد الصيد ضمن به ولد المغصوبة كما لو منع ، ولأن أبا حنيفة يمنع من أن يكون حملها وقت الغصب مضمونا ، أو مغصوبا .

والدليل عليه هو أنه نهى عن أصل مضمون بالتعدي فصح أن يكون مضمونا ومغصوبا كالصوف ، واللبن . ولأنه متصل بالمغصوب فصح أن يكون مضمونا كالسمن ولأن ما ضمن بالجناية ضمن بالغصب كالمنفصل ، ولأن ما صح أن يضمن بالغصب خارج وعائه ، صح أن يضمن به في وعائه كالدرهم في كيس ، والحلي في حق .

فأما الجواب عن استدلالهم بدخول الشاة إلى داره ، والثوب إذا أطارته الريح إليها فهو أنه لا يكون بذلك متعديا فلم يكن ضمانا ويكون بإمساك الولد متعديا فكان ضامنا . ألا ترى أن دخول الصيد إلى داره لا يوجب عليه الضمان لعدم تعديه وولادة الصيد في يده توجب عليه الضمان لتعديه .

التالي السابق


الخدمات العلمية