الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
فصل : فإذا تقرر ما وصفنا من أحكام هذه الأقسام الثلاثة فالكلام بعدها في فصلين : أحدهما : في صحة الطهارة .

والثاني : في إجزاء ما فعلته من عبادة .

فأما الطهارة فلا يخلو حالها من أحد أمرين إما أن تعرف وقت غسلها حين كان ينقطع دمها فيما سلف من حيضها أم لا فإن عرفته ، وإنه كان عند غروب الشمس [ اغتسلت في غروب الشمس ] من كل يوم وتوضأت لما سوى المغرب من الصلوات : لأن المغرب كل يوم يجوز أن يكون آخر حيضها فلزمها الغسل فيه ، وما سوى المغرب لم تجر لها عادة بانقطاع الدم فيه فلم تغتسل فيه ، وتوضأت : لأنها مستحاضة ، وقد روى أنس بن مالك وابن عمر أن [ ص: 411 ] النبي صلى الله عليه وسلم أمر المستحاضة أن تغتسل من ظهر إلى ظهر بالظاء معجمة ، يريد به ما وصفنا من مستحاضة ذكرت أنها كانت تغتسل عند الظهر فأمرها بالغسل في ظهر كل يوم ، وكان بعضهم يرويه من طهر إلى طهر بالطاء غير معجمة ، يعني : عند تقضي الحيض ، وإقبال الطهر ، ولكل رواية منهما وجه ، وهي في موضعها دليل ، وإن لم يذكر وقت غسلها حين كان ينقطع دمها ، ونسيت فعليها أن تغتسل لكل صلاة وتصبر إلى آخر وقتها لجواز أن يكون ذلك وقت انقطاع حيضها ويكون الغسل في آخره في الوقت الذي لا يمكنها بعد الغسل إلا فعل الصلاة لجواز أن ينقطع دمها في آخره فلا يجزئها ما قدمت في أوله من الغسل والصلاة ، وقد روى سليمان بن كثير عن الزهري عن عروة عن عائشة قالت : استحيضت حمنة بنت جحش ، فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم : " اغتسلي لكل صلاة " فهذا الكلام في طهارتها .

التالي السابق


الخدمات العلمية