الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
فصل : وأما إذا كان الصبغ لرب الثوب فكالرجل غصب ثوبا يساوي عشرة وصبغا يساوي عشرة وصبغ به الثوب فإن لم يمكن استخراج الصبغ ، نظر قيمة الثوب مصبوغا ، فإن كان يساوي عشرين درهما أخذه المالك ، ولا شيء له على الغاصب ، وإن نقص مصبوغا عن العشرين أخذه مالكه ورجع بما بقي بعد قيمته من العشرين ليستكمل قيمة الثوب والصبغ . فإن كان استخراج الصبغ ممكنا فلا حق للغاصب في استخراجه ؛ لأنه لا يملك عينا فيه وللمالك حالتان :

إحداهما : أن يرضى بترك الصبغ في الثوب فله ذلك ويأخذ معه ما نقص من القيمتين إن حدث فيها نقص ، والله أعلم .

[ ص: 184 ] والحال الثانية : أن يدعو إلى استخراج الصبغ ، فينظر ، فإن كان له في استخراجه غرض صحيح وذلك من وجوه منها : أن يحتاج إلى الثوب أبيض ، ومنها : أن يحتاج إلى الصبغ في غيره ، ومنها : أن يكون استخراجه أكثر من قيمته ، ومنها أن يكون لاستخراجه مؤنة يذهب بها شطر قيمته ، فإن الغاصب مأخوذ باستخراجه وضمان نقص إن حدث فيه ، وإن لم يكن له في استخراجه غرض نظر ، فإن لم يستضر الغاصب بنقص يضمنه في الثوب أخذ باستخراجه ، وإن كان يستضر بنقص يحدث فيه فهل يؤخذ جبرا باستخراجه أم لا ؟ على وجهين ، كالشجرة في الأرض :

أحدهما : يؤخذ باستخراجه لاستحقاق المالك باسترجاع ملكه على ما كان عليه قبل غصبه ، فعلى هذا يضمن ما نقص من القيمتين ، ولا يضمن زيادة إن كانت قد حدثت بالصبغ ، ولو طالب بغرم النقص من غير استخراج أجيب إليه .

والوجه الثاني : أنه يقر على حالته ، ولا يجبر الغاصب على استخراجه لما فيه من العبث ، والإضرار ، ولو سأل غرم نقص لو كان يحدث بالاستخراج لم يجب إليه إلا أن يكون في اجتماعهما نقص من القيمتين فيضمن ذلك النقص .

التالي السابق


الخدمات العلمية