الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
مسألة : قال الشافعي - رحمه الله - : " ولو كان زيتا فخلطه بمثله ، أو خير منه فإن شاء أعطاه من هذا مكيلته وإن شاء أعطاه مثل زيته وإن خلطه بشر منه ، أو صبه في بان فعليه مثل زيته " .

قال الماوردي : وهذا كما قال . لأن للزيت مثلا فإذا غصب زيتا وخلطه بغيره ، فعلى ضربين .

أحدهما : أن يخلطه بزيت .

والثاني : بغير زيت ، فإن خلطه بزيت ، فعلى ثلاثة أضراب .

[ ص: 186 ] أحدها : أن يخلطه بمثله .

والثاني : أن يخلطه بأجود منه .

والثالث : أن يخلطه بأردأ منه ، فإن خلطه بمثله كان للغاصب أن يعطيه مكيلة زيته منه وليس للمغصوب منه أن يطالبه بمكيلة من غيره ، وإن أراد الغاصب أن يعدل به إلى مثل مكيلة زيته من غيره ففيه وجهان :

أحدهما : وهو ظاهر كلام الشافعي - رضي الله عنه - هاهنا ، أن له ذاك ؛ لأنه قال فخلطه بمثله ، أو خيرا منه ، فإن شاء أعطاه من هذا مكيلة وإن شاء أعطاه مثل زيته ، ووجه ذلك أنه إذا لم يقدر على غير زيته تساوت الأعيان المماثلة له فلم يكن للمغصوب منه أن يتحجز عليه في عين دون عين .

والوجه الثاني : وهو قول أبي إسحاق المروزي ، وأبي علي بن أبي هريرة ، أن عليه أن يعطيه مكيلة زيته من ذلك الزيت المختلط وليس للغاصب أن يعدل به إلى غيره إلا عن رضى منه ، ووجه ذلك أن العين المغصوبة موجودة فيه وليس يدخل على الغاصب ضرر به فكأن المغصوب أحق بما ليس له عين مال فيه ، ويكون كلام الشافعي - رضي الله عنه - راجعا إلى خلطه ، والأجود دون المثل .

التالي السابق


الخدمات العلمية