الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
مسألة : قال الشافعي رحمه الله : " أو خيطا خاط به ثوبه فإن خاط به جرح إنسان أو حيوان ، ضمن الخيط ، ولم ينزع " .

قال الماوردي : وصورتها فيمن غصب خيطا فخاط به شيئا فهذا على ضربين :

أحدهما : أن يكون قد خاط به غير حيوان كالثياب فيؤخذ الغاصب بنزعه ورده على مالكه وأرش نقصه إن نقص .

والضرب الثاني : أن يكون قد خاط به حيوانا ، فعلى ضربين :

أحدهما : أن يكون الحيوان ميتا عند المطالبة بالخيط فينظر ، فإن كان الحيوان مما لا حرمة له بعد موته كالبهيمة نزع الخيط منه ورده على مالكه ، وإن كان مما له حرمة كالآدمي نظر فإن لم يفحش حاله بعد نزع الخيط منه نزع وإن فحش لم ينزع لقوله صلى الله عليه وسلم : حرمة ابن آدم بعد موته كحرمته في حياته .

والضرب الثاني : أن يكون حيا ، فعلى ضربين : أحدهما أن يكون مباح النفس من آدمي ، أو بهيمة كالمرتد ، والخنزير ، والكلب العقور فيؤخذ بنزعه ؛ لأنه مما لا حرمة لحفاظ نفسه ثم يغرم بعد نزعه أرش نقصه .

والضرب الثاني : أن يكون محظور النفس ، فعلى ضربين :

أحدهما : أن يكون آدميا ، فعلى ضربين :

أحدهما : أن يخاف من نزعه التلف فيقر الخيط ، ولا ينزع ، سواء كان الغاصب أو غيره ؛ لما يلزم من حراسة نفسه بعد غصبه ، فأولى أن يجبر على تركه ، فعلى هذا يغرم قيمته .

والضرب الثاني : أن يأمن التلف فهذا على ضربين :

أحدهما : أن يأمن الضرر وشدة الألم فهذا ينزع منه ويرد على مالكه مع أرش نقصه .

والضرب الثاني : أن يخاف ضرر ، أو شدة ألم وتطاول مرض ففيه وجهان مخرجان من اختلاف قوليه في تيمم المريض إذا خاف تطاول المرض وشدة الألم .

أحدهما : ينزع إذا قيل لا يتيمم .

والثاني : يقر إذا قيل يتيمم . والضرب الثاني في الأصل أن يكون الحيوان غير آدمي ، فعلى ضربين :

أحدهما : أن يكون غير مأكول كالبغل ، والحمار ، فعلى ضربين :

أحدهما : أن يؤمن تلفها فينزع الخيط .

[ ص: 202 ] والثاني : أن يخاف تلفها فيقر لحرمة نفسها التي لا يجوز انتهاكها بتعدي مالكها .

والضرب الثاني : أن يكون الحيوان مأكولا كالشاة ، والبعير فإن أمن تلفها بنزعه نزع وإن خيف تلفها ففيه قولان :

أحدهما : رواه الربيع ، تذبح لينزع الخيط منها ؛ لأنه قد يوصل إلى أخذه على وجه مباح .

والقول الثاني : رواه المزني وحرملة أنه يقر الخيط ، ولا ينزع ويؤخذ الغاصب بقيمته لنهي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن ذبح البهائم إلا لمأكلة ، وقال صلى الله عليه وسلم : من ذبح عصفورا بغير حقها حوسب بها قيل ، وما حقها ؟ قال : أن لا يذبحها لغير مأكلة .

التالي السابق


الخدمات العلمية