الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
فصل : والحال الثاني من أحوال الشفيع بعد علمه بالبيع أن يعفو عن الشفعة ، والعفو على ضربين : صريح وتعريض ، فالصريح أن يقول قد عفوت عن الشفعة ، أو تركتها ، ونزلت عنها فهذا مبطل لشفعته .

والتعريض أن يساوم المشتري في الشقص ، أو يطالبه بالقسمة ، أو يستأجره منه ، أو يساقيه عليه .

فهل يكون التعريض بهذه الألفاظ كصريح العفو في إبطال الشفعة أم لا ؟ على قولين نص عليهما في القديم :

أحدهما : أنه كالصريح في إبطال الشفعة لاشتراكهما في المقصود بالعفو .

والقول الثاني : أنه على حقه ما لم يصرح بالعفو ؛ لما فرق الله تعالى به في الخطبة بين حكم التعريض ، والتصريح .

فأما قوله للمشتري : بارك الله لك في صفقتك ، فليس بعفو صريح ولا تعريض ؛ لأن وصوله إلى الثمن من الشفيع بركة في صفقته ، وهكذا لو شهد للمشتري في ابتياعه لم يكن عفوا صريحا ولا تعريضا ؛ لأن الشهادة وثيقة في البيع الذي بتمامه يستحق الشفعة وجعل أبو حنيفة هذين الأمرين عفوا صريحا .

وأما إن قال سأعفو ، أو قال إن شئت عفوت فليس ذلك عفوا .

[ ص: 240 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية