الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
فصل : فإذا تقرر توجيه القولين ، فإن قيل : الأخ أحق بها تفرد بأخذها دون العم ، فإن عفا الأخ عنهما احتمل استحقاق العم لها وجهين :

أحدهما : لا حق له فيها لخروجها عن استحقاقها .

والوجه الثاني : يستحقها لخلطته وإنما قدم الأخ عليه لامتزاج سببه .

وإن قيل : إنها بينهما فقد اختلف قول الشافعي - رضي الله عنه - في كيفية استحقاقهما لها على قولين :

أحدهما : قاله في القديم : إنها بينهما نصفين بالسوية وبه قال أبو حنيفة لأمرين :

أحدهما : أنها تستحق بقليل الملك كما تستحق بكثيره حتى لو ملك أحد الشريكين سهما من عشرة أسهم أخذ به شفعة التسعة الباقية ، ولو بيع السهم أخذه صاحب التسعة الباقية فاقتضى أن يتساوى الشريكان فيها وإن تفاضلا في المال اعتبارا بأعداد الرءوس لا بقدر الأملاك كالعبد المشترك بين ثلاثة يملك أحدهم نصفه ، والآخر ثلثه ، والآخر سدسه ، إذا أعتق صاحب النصف والسدس حقوقهما معا قوم الثلث عليهما نصفين وعتق بينهما بالسوية كذلك الشفعة .

والثاني أن استحقاق الشفعة لدفع الضرر بها ، وقد يستضر صاحب الأقل كاستضرار صاحب الأكثر فوجب أن يساوي صاحب الأقل فيها صاحب الأكثر ، فعلى هذا تصير الدار بينهما على ثمانية أسهم : خمسة منها للعم ، منها أربعة أسهم بقديم ملكه وسهم لشفعته ، وثلاثة أسهم للأخ ، منها سهمان بقديم ملكه وسهم لشفعته .

والقول الثاني : قاله في الجديد وهو الصحيح : أنها بينهما على قدر ماليهما اعتبارا بالأملاك لا بالملاك وبه قال مالك لأمرين :

أحدهما : أن منافع الملك تتوزع على قدره كالأرباح في التجارة ، والنتاج في الحيوان .

والثاني : أن الشفعة إنما وجبت لدفع الضرر بها عن الملك الداخل عليه بحق لا بظلم مثل مئونة المقاسمة ، والمهايأة ، ونقصان القيمة بعد القسمة ، وهذا يقل ويكثر بقلة الملك [ ص: 257 ] وكثرته فوجب أن تتقسط على الأملاك دون الملاك ، وأما سوء المشاركة فظلم يمكن دفعه بالسلطان ، وفي هذا انفصال ، فعلى هذا تكون الشفعة بينهما على ثلاثة أسهم . لصاحب النصف سهمان ولصاحب الربع سهم واحد وتصير جميع الدار بينهما أثلاثا .

التالي السابق


الخدمات العلمية