الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
فصل : فإن اتصل دم نفاسها حتى تجاوز ستين يوما ، فلا يخلو حالها من أحد أمرين إما أن يكون لها عادة في الحيض والنفاس أو مبتدأة ، فإن كانت مبتدأة في النفاس والحيض ، فما تجاوز الستين يوما استحاضة ، وليس بحيض لا يختلف أصحابنا فيه ، لأن يقين النفاس يغلب على شك الحيض ، فعلى هذا تصير الاستحاضة داخلة في النفاس ، ولها ثلاثة أحوال .

الأول : حال يكون لها تمييز .

الثاني : وحال يكون لها ولا عادة .

الثالث : وحال يكون مبتدأة ليس لها تمييز ولا عادة ، فإن كان لها تمييز وهو أن يكون [ ص: 440 ] بعضه دما أسود ثخينا وبعضه أحمر رقيق ، فيكون السواد منه نفاسا ، والحمرة استحاضة ، وإن كان لها عادة بلا تمييز وهو أن يكون كل الدم لونا واحدا ولها عادة سالفة في نفاس مستمر فترد إلى عادتها في نفاسها ، ويكون ما تجاوزها استحاضة ، وإن كانت مبتدأة ليس لها تمييز ولا عادة ، فقد اختلف أصحابنا فيما ترد إليه على ثلاثة أوجه :

أحدها : وهو قول أبي إسحاق المروزي أنها ترد إلى أقل النفاس فعلى هذا تعيد جميع ما تركت من الصلوات سواء حددنا أوله بساعة أم لا : لأن الساعة حد لا يصادف وقت صلاة مستوعب ، وهذا على القول الذي ترد فيه الحائض إلى أقل حيضها .

والوجه الثاني : وهو قول ابن سريج أنها ترد إلى أوسط النفاس أربعين يوما وتعيد صلاة ما زاد عليه ، وهذا على القول الذي ترد فيه الحائض إلى أوسط حيضها .

والوجه الثالث : وهو قول أبي إبراهيم المزني ذكره في جامعه الكبير أنها ترد إلى أكثر النفاس ستين يوما ، وفرق بينه وبين الحيض أن النفاس يقين فجاز أن ترد فيه إلى أكثره ، وليس الحيض بيقين ، فلم يجز أن ترد فيه إلى أكثره .

التالي السابق


الخدمات العلمية