الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
مسألة : قال الشافعي رحمه الله : " فإن اشترى شقصا على أنهما جميعا بالخيار فلا شفعة حتى يسلم البائع ( قال ) : ولو كان الخيار للمشتري دون البائع فقد خرج من ملك البائع وفيه الشفعة " .

قال الماوردي : اعلم أن ما يثبت من الخيار في البيع على أربعة أقسام :

خيار عقد ، وخيار شرط ، وخيار رؤية ، وخيار عيب :

أما القسم الأول : فهو خيار العقد وهو خيار المجلس فلا يستحق فيه الشفعة إلا بعد نقضه بالافتراق عن تمام وإمضاء ، وسواء قيل إن الملك منتقل بنفس العقد ، أو بالافتراق مع تقديم العقد ؛ لأن ثبوت الفسخ لكل واحد منهما يمنع من استقرار العقد بينهما ، ولأن البائع لما لم يلزمه عقد المشتري فأولى أن لا يلزمه شفعة الشفيع ، فإذا افترقا عن تمام وإمضاء استحق الشفيع حينئذ أن يأخذ بالشفعة ، وبماذا يصير الشفيع مالكا لها ؟ على ثلاثة أقاويل من اختلاف أقاويله في انتقال الملك :

أحدهما : أن يكون مالكا لها بنفس العقد وإن منع من الأخذ إلا بالافتراق وهذا على القول الذي يقول فيه : إن الملك منتقل بنفس العقد .

والقول الثاني : أن يكون مالكا للشفعة بافتراقهما عن تراض وهذا على القول الذي يقول فيه : إن الملك لا ينتقل إلا بالعقد ، والافتراق .

والقول الثالث : إن ملك الشفعة كان موقوفا على إبرام العقد وإمضائه فتمامه يدل على [ ص: 278 ] تقديم ملكها بالعقد وفسخه يدل على أنه لم يملكها بالعقد وهذا على القول الذي يقول فيه : إن الملك موقوف مراعى .

فإذا أخذ الشفيع ذلك بالشفعة بعد الافتراق عن تراض بحكم ، أو بغير حكم فهل يثبت له بعد الأخذ خيار المجلس أم لا ؟ على وجهين لأصحابنا :

أحدهما : أنه له خيار المجلس ؛ لأنه تملكه بمعاوضة كالبيع .

والوجه الثاني : وهو أصح أنه لا خيار له ؛ لأن الشفعة موضوعة لدفع الضرر بها كالرد بالعيب الذي لا يملك فيه بعد الرد خيار ، وليس كالبيع الموضوع للمعاينة وطلب الأرباح .

التالي السابق


الخدمات العلمية