الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
فصل : وإن كان الميت منهما هو العامل فليس لوارثه أن يبيع ، ولا يشتري سواء كان المال ناضا ، أو عرضا .

والفرق بين أن يموت رب المال فيجوز للعامل أن يبيع بغير إذن الوارث وبين أن يموت العامل فلا يجوز لوارثه إلا بإذن رب المال : إن عقد القراض قد أوجب ائتمان العامل على [ ص: 331 ] التصرف في المال سواء كان المال لربه أو لوارثه ، وما أوجب ائتمان وارث العامل في المال لا مع ربه ، ولا مع وارثه .

وإذا كان كذلك نظر في المال ، فإن كان ناضا استرجع رب المال رأس ماله واقتسما ربحا إن كان فيه ، فلو أذن رب المال لوارث العامل في المقام على القراض صح إن كانا عالمين بقدر المال ويبطل إن كانا جاهلين بقدره وجها واحدا .

والفرق بين هذا حيث بطل بجهالة القدر وبين أن يموت رب المال فيصح القراض بإذن وارثه للعامل ، ولا يبطل بجهالة القدر في أحد الوجهين :

إن المقصود في القراض المال من جهة ربه ، والعمل من جهة العامل ، فإن مات رب المال كان المقصود من الأمرين باقيا فجاز استصحاب العقد المتقدم لبقاء مقصوده ولم يبطل بحدوث الجهالة فيه ، وإذا مات العامل فقد فات أحد المقصودين ، ولم يمكن استصحاب العقد المتقدم ، وكان استئناف عقد مع وارث فبطل بحدوث الجهالة فيه . وإن كان مال القراض عند موت العامل عرضا لم يجز لوارثه أن ينفرد ببيع العرض من غير إذن ربه لما ذكرنا .

فإذا أذن له باعه ، واقتسما بعد رد رأس المال الفضل إن كان فيه ، ولو أذن رب المال لوارث العامل أن يقيم على عقد القراض كالعامل ، فإن كان بعد بيع العرض ، والعلم بقدر ثمنه صح ، وإن كان العرض باقيا ، أو ثمنه مجهولا بطل وجها واحدا لما ذكرنا من الفرق ، والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية