الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
فصل : فأما إذا شرطا جميع الربح لأحدهما فهما مسألتان :

إحداهما : أن يشترطا جميع الربح لرب المال . والثانية : أن يشترطا جميع الربح للعامل . فأما إن اشترطا جميع الربح لرب المال نظر فيه .

فإن لم يقل رب المال عند دفعه أنه قراض ، ولكنه قال خذه فاشتر به وبع ولي جميع الربح فهذه استعانة بعمله وليس بقراض ، والعامل متطوع بعمله فيه وجميع الربح لرب المال ، ولا أجرة للعامل في عمله .

وإن قال خذه قراضا على أن جميع الربح لي فهذا قراض فاسد ، وجميع الربح لرب المال ، وفي استحقاق العامل أجرة مثله وجهان :

أحدهما : وهو قول المزني أنه لا أجرة له ؛ لأنه مع الرضا بأن لا ربح له متطوع بعمله .

والوجه الثاني : وهو قول ابن سريج أن له أجرة مثله لعمله في قراض فاسد ، فصار كالمنكوحة على غير مهر تستحق مع الرضا بذلك مهر المثل .

[ ص: 333 ] وأما إن شرطا جميع الربح للعامل فهذا على ضربين :

أحدهما : أن يقول رب المال خذه قراضا على أن جميع الربح لك فهذا قراض فاسد ، وجميع الربح لرب المال على حكم القراض الفاسد . وللعامل أجرة مثله لدخوله على عوض لم يحصل له .

والضرب الثاني : أن يقول خذه على أن جميع ربحه لك ، ولا يصرح في حال الدفع بأنه قراض ففيه لأصحابنا وجهان :

أحدهما : أنه يكون قرضا وسلفا ، ولا يكون قراضا ؛ لأنه غير منطوق به ، فعلى هذا يكون ضامنا للمال وجميع الربح له .

والوجه الثاني : أنه يكون قراضا فاسدا ، ولا يكون قرضا ، ولا سلفا ؛ لأنه غير منطوق به ، فعلى هذا لا يكون ضامنا للمال ، ويكون جميع الربح لرب المال وللعامل أجرة المثل .

التالي السابق


الخدمات العلمية